أما هما فلبثا واقفين أمام الباب وكأن شيئا منع البارون عن الانصراف، وكان الكلب قد قام من مكانه ودنا من سيده وجعل يثب عليه ويبصبص بذنبه، ثم يعدو في الأرض عدوا سريعا ويعود إلى سيده. وكان الاثنان ينظران إليه وكلاهما عارف بالصيد مولع به فقال البارون: «هذا الكلب نادر المثال وليس عند الملك ريكارد كلب مثله، ولكن ألم يبلغك أمر الملك وهو أنه لا يحق لأحد دون رتبة الأرل
2
أن يقتني كلب صيد في مخيم الملك إلا بإذن منه؟ والأرجح عندي أنك لم تنل هذا الإذن، وأنا أقول ذلك بصفة كوني مير ياخور الملك .»
3
فقال الفارس: «وأنا أجيبك بصفة كوني فارسا اسكتلنديا أني لم أبايع ملك الإنكليز الملك علي ولا أقسمت له يمين الطاعة. نعم، إنني في الوقت الحاضر إذا بوق بوق الحرب أكون أول من ركب وآخر من نزل، ولكن في غير ساعة الحرب لا سلطة لملككم علي.»
فقال البارون: «ومع هذا لا يليق بك أن تخالف أمر الملك، فاسمح لي أن أرسل لك حماية لهذا البطل.» قال ذلك مشيرا إلى الكلب.
فقال الفارس: «هو يعرف حماي ولا يخرج منه، وفي حماي أنا أحميه بنفسي.» وكأنه ندم على هذا الكلام فاستتلاه قائلا: «لا يحسن بي أن أجيبك بمثل هذا الجواب، فقد يرى أحد رجالكم رزول (وهو اسم الكلب)، ويسيء إليه فيتصل الأمر بنا إلى ما لا نحب. ولا أخفي عليك أن رزول معتمدنا في هذه البلاد، وما كان الملك ليحرمنا مما لا نذوق طعم اللحم بدونه.»
فقال البارون: «أحسنت، فإنه أكرم من أن يفعل ذلك، والآن لا بد لي من الانصراف وسأرجع نحو المساء.» ثم ودعه وخرج.
الفصل الثامن
لما سمع الملك ما قصه عليه البارون قال له: «إن في الأمر عجبا، أمتأكد أنت أن هذا الاسكتلندي حر صادق؟» فأجاب البارون: «لا يخفى على مولاي أن بلادي تجاور بلاد الاسكتلنديين، وقد خبرت هؤلاء الناس وعرفت مكرهم، ولكن يظهر لي أن هذا الرجل صادق، ولو كان شيطانا.»
Page inconnue