328

Le Caire : la texture des gens dans l'espace et le temps et leurs problèmes au présent et à l'avenir

القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل

Genres

ماذا يمكن أن نفعل الآن؟ إن ما تم إنشاؤه لا يمكن تعديله، ولكن ما هو مخطط أو ما بيع من مخططات وتخصيصات ففي الإمكان إيقافه وتعديل مواقعه إلى أماكن أخرى أحوج إلى التنمية من منطقة القاهرة. كأن تختار مواقع أخرى بعيدا عن نطاق جذب العاصمة، في الصعيد شرق النيل كمثال، أو شرق قناة السويس على ضفة سيناء كمثال آخر؛ ففي شرق الصعيد من الأرض ما يتسع للتنمية الزراعية والسكن والمدن الصناعية والحرفية المتوسطة والصغيرة. فقد آن الأوان أن نكف عن الطموح غير القادر بإنشاء مدن نصف مليونية كما هو الواضح من دعاوي إنشاء مدن الحلقة حول القاهرة، وفي شرق القناة آن أوان تعظيم الاستفادة من هذا المجرى المائي المدهش الذي يربط المكان العربي والشرق أوسطي والأسيوي بالاتفاق على إقامة «عزب» صناعية متعددة تتوطن فيها صناعات مصرية بتكنولوجيا ومشاركة جدية أورو-أمريكية-أسيوية في هذا المكان المتميز من العالم القديم، وهو ما يحدث الآن في مشروع تنمية شمال غرب خليج السويس وميناء السخنة، وفي هذا المجال وغيره ، مثل إقليم بحيرة النوبة- ناصر، يمكن الاستفادة من التعاقدات والأموال التي دفعها المستثمرون - والمضاربون - في أراضي المدن والضواحي المعلنة: «بدر وتجمعات عديدة من الشروق، وربوة أكتوبر، والتجمع الخامس» في المشروعات التي يمكن أن تقام، على أن يكون ذلك أمر طوعي من جانب المستثمرين. وعلى هذا النحو من الاجتهاد يمكن أن يفتح الباب لاجتهادات ومشروعات أخرى تسعى لتخفيف الحصار عن القاهرة، وتعيد لمصر توازن سكاني وسكني واقتصادي فقدته منذ فترة نتيجة تخلخل الرؤية المتكاملة لمشكلات مصر الخالدة على مسرى التاريخ.

غزو المطار

مطار القاهرة مهدد بغزو العمران حوله من كل جانب. ففي الثمانينيات زحف العمران بهدوء على طريق المطار أمام الكلية الحربية، وبلغ هذا الزحف قمته بإنشاء مستوطنة تعرف بمساكن شيراتون، وبرغم أننا قد نلاحظ أثر التلوث السمعي الذي تحدثه الطائرات على ساكني الشيراتون في أسماع وأبدان أبنائهم في المستقبل، إلا أننا سنركز في هذه العجالة على اختناق المطار بتأثير النمو السكني للقاهرة، وهذه المساكن ما فتئت تنمو، وآخر فصل في هذا النمو هو مشروع حي الملتقى العربي، وبذلك يكون المطار قد طوقته المباني من الجنوب والجنوب الشرقي، وفي غرب المطار بدأت العمائر السكنية تنمو مباشرة على طول طريق السندباد في منطقة النزهة الجديدة - وبعضها يبنى خارج خط التنظيم، بحيث إن ردودها من الشرفات تغطي منطقة رصيف الشارع، وبعضها وصل إلى خمس طوابق أو أكثر.

فهل يتم البناء بعيدا عن أعين المسئولين - علما بأن هذا الطريق يمر فيه آلاف الناس يوميا، بما في ذلك بعض المسئولين عن إسكان محافظة القاهرة! وبهذا فإن مسار الطيران إلى المدرج الشمالي للمطار أصبح وكأنه يسير في نفق بين عمائر الشيراتون والسندباد، وتحاصر مدينة نصر مدخل المدرج الشرقي للمطار، وهو الأكثر استخداما. وتهدد أبراج مدينة نصر الملاحة الجوية في هذا الاتجاه، ولا توجد فوق هذه الأبراج الأنوار التحذيرية المتعارف عليها عالميا برغم أن ذلك يهدد المئات من ركاب الطائرات من وإلى عزيزتنا القاهرة. ومن زمن ليس بعيدا كانت الأنوار التحذيرية مثبتة فوق بعض عمارات مصر الجديدة ، لكن الإهمال أدى إلى اختفاء معظم هذه الأنوار! ولا يوجد ما يمنع من الإصرار الآن على وضع هذه الأنوار بدلا من انتظار ما لا يحمد عقباه. وقد ظهر مشروع «القاهرة الجديدة» والذي - إذا تم - سيكتمل غزو المطار من الشرق والشمال بامتداد التجمعات الأولى والخامسة والهجانة وبدر والشروق والعبور والسلام، والتحام كل هذه الكتلة بكتلة مدينة نصر ومصر الجديدة والمرج وكفر الشرفا، حيث بدأت عمائر من الطوب الأحمر والإسمنت تخجل العين من النظر إليها مرتين، تحدق بالطريق الدائري الجديد الذي أنفقت الدولة على تشييده الملايين من الجنيهات؛ لتيسير الحركة حول القاهرة. فإذا لم يراع البعد بقدر 50 إلى 100 متر عن الطريق الدائري فسيكون مآله هو ذات المصير الذي لقيه طريق صلاح سالم مع الفارق أن الضغوط السكانية على الأرض الزراعية في شمال القاهرة أقوى من ضغوط سكان المقابر في الغفير والقرافة الشرقية وباب الوزير!

هل نعلن عن مناقصة عالمية لإنشاء مطار جديد مثلا في منتصف المسافة بين القاهرة والسويس، وما أدرانا ألا تلاحقه أيضا مشروعات مدن جديدة، فالطرق الممتازة لها جاذبية خاصة للعمران غير المنضبط، وعلى الدولة أن تتكلف مليارات الجنيهات لبناء المطار الجديد وتجهيزاته المتعددة، وخاصة التجهيزات الإلكترونية والرادارية، ويعلم العارفون بأمور الطيران أن هذا العبء المالي هو بالقطع فوق طاقة مصر كثيرا، وأنه إن وجدت هذه الأموال، فالأجدى استثمارها في قطاعات إنتاجية تعطي مردودا لمصر بدلا من إنفاقها على إصلاح ما يفسده نمو القاهرة الجديدة. فهل نحن على استعداد لتقبل سقوط المطار من أجل زيادة مشكلات القاهرة أضعافا مضاعفة يجعل ضبطها وإدارتها هي الصعوبة بعينها؟ أليس من الأجدى تنشيط السكن في مدن قائمة في شمال شرق القاهرة كالعاشر من رمضان؟

إنقاذ القاهرة

7

أصدر مجلس الوزراء في 5/ 11/ 1995 قرارا بتأجيل مشروع مدينة «القاهرة الجديدة» ووقف بيع الأراضي الصحراوية المملوكة للدولة، ورد المقدم الذي تم تحصيله من المشترين - إذا كان ذلك واردا في العقود - وكذلك إنشاء لجنة من عدد من الوزراء: الدفاع، النقل، قطاع الأعمال، الإسكان، والمجتمعات العمرانية الجديدة، بالإضافة إلى محافظة القاهرة والجيزة؛ «لدراسة مشكلة المجتمعات العمرانية الجديدة حول القاهرة الكبرى في ضوء عدم قدرة المدينة على استيعاب المزيد من السكان ... وتقديم الخدمات اللازمة لهم، وترجمة توجيهات رئيس الجمهورية إلى مشروعات عملية.»

وهذا القرار الشجاع - الذي لم ينفذ لتغير الوزارة - إنما يعبر عن إدراك المسئولين لخطورة الموقف العمراني في القاهرة، ويحتاج من المصريين، مسئولين ومفكرين، إلى وقفة تأمل عميقة عما يراد بالقاهرة: تركيز المزيد من المصريين في قاهرة أصبحت عاجزة عن مداواة مشكلاتها الحالية. التوجه الأساسي في إنشاء المدن التوابع التي تتحلق حول مدينة كبيرة. أن تنظر المدينة الجديدة إلى داخلها، وليس إلى المدينة المجاورة؛ بحيث لا تتحول إلى مدن «منامة» ينطلق منها كل صباح آلاف الناس إلى عملهم بالمدينة الكبيرة، متكدسين كأسراب الجراد فوق الطرق التي تبنيها الدولة بشق الجيوب.

وفي الغرب يحدد عدد سكاني يتراوح بين عشرين وخمسين ألفا للمدينة الجديدة؛ كي يسهل حل إشكالياتها المتوقعة وغير المتوقعة، ولكننا في مصر نتصدى لإنشاء مدن لنصف مليون أو تزيد! كأننا أقدر على مواجهة المشكلات، وأقدر على منع الخارجين على لوائح العمران ارتفاعا وطولا وعرضا! فأين نصف المليون في مدن رمضان وأكتوبر والسادات برغم مرور نحو 30 سنة على إنشائها؟

Page inconnue