Le Caire : la texture des gens dans l'espace et le temps et leurs problèmes au présent et à l'avenir
القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل
Genres
وأغلب الرأي أيضا أن النيل كان لا يزال يسير في ثنية كبيرة شمال غرب «منف» إلى قرب هضبة الأهرام، ومن ثم كان طريقا مائيا سهلا لنقل أحجار طرة الضخمة التي استخدمها بناة الأهرام من ملوك الأسرة الرابعة، ورأي آخر نطرحه هو أن الملوك بعد ذلك كفوا عن بناء الأهرامات الضخمة؛ إما للتكلفة الباهظة في المال والعمال، وإما لتحول مسار النهر تدريجيا إلى الشرق بعيدا عن أهرامات محافظة الجيزة، أو للسببين معا.
وفي نهاية العصر الروماني وبداية الفتح الإسلامي كانت الضفة الشرقية للنيل تحف بسور قصر الشمع وجامع عمرو بن العاص، ثم تتجه شمالا بشرق غالبا على طول ما نعرفه الآن باسم شارع حسن الأنور، ثم قرب ميدان السيدة زينب وشارع الناصرية وعماد الدين، قرب عابدين والأزبكية وباب الحديد، وبطول مخازن السكك الحديدية، وينحرف مع خط حديد شمال الدلتا إلى ما نعرفه الآن بشبرا الخيمة. وبذلك فإن مأخذ خليج أمير المؤمنين كان في مكان ما قرب ميدان السيدة زينب، ومن هنا تسمية شارع السد نسبة إلى إقامة سد على بداية الخليج يفتح عند الفيضان؛ لتجري فيه المياه في حفل مهيب يسمى «جبر البحر»، وبذلك أيضا كانت كل أراضي غرب القاهرة الحالية من فم الخليج إلى شبرا مسارا للنيل وفيضانه السنوي.
وظل النيل يهجر مجراه الشرقي في اتجاه الغرب، ويترك جزرا متعددة نمت ثم اختفت بالالتحام بالشاطئ كجزيرة الفيل (شبرا) وجزيرة بولاق، أو بالتحام جزيرتي حليمة وأروى في جزيرة واحدة هي جزيرة الزمالك الحالية بعد تعميق مسار البحر الأعمى بينها وبين الجيزة. أما جزيرة الروضة فقد ظلت ثابتة في مكانها مع بعض تغيرات في سواحلها الغربية، وهو ما يثير تساؤلات جيمورفولوجية وهيدرولوجية حول أشكال واتجاهات النحت والإرساب النهري لتفسير هذا الثبات النسبي لجزيرة الروضة مع حدوث تغيرات كثيرة في الجزر القريبة منها. ولكن يبدو أن للإنسان يد في ذلك؛ ففي العهد الأيوبي قام الملك الصالح بحفر وتوسيع مجرى سيالة الروضة بعد أن كادت أن تنسد وتلتحم بشاطئ الفسطاط ودير النحاس، وذلك لسببين؛ أولهما: أن انسداد السيالة أو ضيقها وقلة عمقها نتيجة الإطماء سوف يقضي على مصدر مياه الخليج المصري الذي كان مأخذه من هذه السيالة، وفعلا اشتكى الناس كثيرا من قلة جريان الماء في الخليج وتوقفه تماما وقت التحاريق، والسبب الثاني: أن الملك الصالح كان قد أنشأ في جزيرة الروضة قصرا جعله مقرا له بدلا من المقر الرسمي في القلعة، وبنى حصونا ومعسكرات كبيرة لمماليكه الذين أسسوا فيما بعد سلطنة المماليك البحرية؛ نسبة إلى سكنهم جزيرة الروضة. وقد تلا ذلك حركة تعمير من قبل السكان في الروضة. وأراد الملك الصالح بأن يبقي على الجزيرة كأحد أسباب الدفاع عن مقر الحكم في تلك الفترة، وكوسيلة إضافية أغرق الملك عدة مراكب عند الرأس الجنوبي للجزيرة أمام شاطئ الفسطاط عند باب القنطرة بحيث يضمن تحول جانب لا بأس به من مياه النيل إلى سيالة الروضة لرفع منسوب المياه فيها.
أما الضفة الغربية للنيل فلا نعلم عنها الكثير؛ لقلة المصادر التاريخية بالقياس إلى الضفة الشرقية التي كانت معمورة منذ العصر الروماني. وآخر ما نعرفه هو أن النيل في عصر الخديو إسماعيل كان يسير شمال مدينة الجيزة بانحراف يسير إلى الغرب قرب حديقتي الحيوان والأورمان إلى الدقي والحوتية ثم إلى إمبابة، وقد ردمت كثير من هذه الأراضي بواسطة وزارة الأشغال إلى مسار الضفة الحالي، وعمر إسماعيل بعض مناطقها كإنشاء قصر الجيزة - شمال جامعة القاهرة مباشرة - وحدائق الأورمان والحيوان، ومن ثم إعمار المنطقة بالزراعة - قريتي العجوزة والحوتية وأرض الأوقاف التي بنيت عليها أحياء المهندسين وما جاورها - وإما بواسطة بناء القصور والفيلات الأنيقة في منطقة الدقي. (2-2) بركة الحبش
يرد اسم بركة الحبش كثيرا في المصادر التاريخية المختلفة، ويتفق الجميع على أنها كانت بركة شاسعة تمتد جنوب الفسطاط إلى قرب القرافة الكبرى ، أي شمال سهل البساتين، وأنها كانت أحد أهم المتنزهات لسكان القاهرة والفسطاط، و«خصوصا أيام النوروز والغطاس والميلاد والمهرجان وعيد الشعانين، ونحو ذلك من أيام اللهو والقصف والعزف، فكان لا يبقى صغير ولا كبير إلا خرج إلى بركة الحبش ... وقد صارت بركة الحبش من مدة وإلى الآن [أواخر القرن 19] أرض مزارع يغمرها النيل زمن فيضانه إذا كان وافيا، فإن لم يكن وافيا شرقت كلها أو بعضها، ولم يبق من القصور والبساتين الفاخرة التي بسط المقريزي الكلام عنها إلا التلال المشاهدة الآن في تلك الجهات.»
6
وقد ورد أيضا ذكرها حينما مد أحمد بن طولون قناة منها إلى مدينة القطائع، عرفت باسم: قناطر طولون.
وقد حاولت تتبع سواحل هذه البركة على خطوط المناسيب الكونتورية فلم أوفق؛ ذلك لوجود تداخل كبير في الارتفاعات والمنخفضات نتيجة عوامل هدم البيوت السابقة وتكوم مخلفاتها إلى جانب اتخاذ مساحات كثيرة منها كمحاجر، ويحتاج الأمر إلى كثير من عمليات الرفع المساحي لتبين حجم تلك البركة، ومهما يكن من أمر فالحقيقة الواقعة أن هذه البركة كانت موجودة، ولعبت دورا في حياة القاهريين فترة طويلة من الزمن كمتنزه طبيعي موسمي في الفترات التاريخية اللاحقة للعصر الفاطمي على أحسن الفروض. (2-3) الهضبة الشرقية والقاهرة
أما العنصر الثاني المحدد لنمو القاهرة فهو حافة الهضبة الشرقية ومنحدراتها التي تكون حادة في أماكن، وهينة في أخرى، وتعرف بأسماء متعددة أشملها ما نسميه جبل المقطم، وإلى الجنوب منه جبل طرة، وإلى الشمال منه الجبل الأحمر. وترتفع هذه الهضبة إلى ما بين 150 إلى 250 مترا، وتقطعها أودية من أزمان جيولوجية ومناخية سابقة تشكل طرق ارتقاء إلى سطح الهضبة، منها أودية: حوف قرب حلوان، ودجلة قرب المعادي، والدويقة شرق القلعة، وترسل هذه الحافة الجبلية ألسنة تلية في اتجاه النيل، وخاصة في القطاعات الجنوبية عند طره وإسطبل عنتر وكوم غراب جنوب مصر القديمة، وذلك بسبب اقتراب الهضبة من النيل، أو الأصح اقتراب مسار النيل من الهضبة. وحافة الهضبة هنا متقاربة خطوط المناسيب؛ مما يؤدي إلى انحدارات شديدة بطول المسافة من المقطم إلى حلوان، وتتباعد الهضبة تدريجيا إلى الشمال الشرقي، ابتداء من المقطم إلى الجبل الأحمر في صورة منحدرات وعرة حادة تظهر في مناطق الجيوشي والقلعة ومنشأة ناصر. ثم تتشكل بعد ذلك من مسطحات عريضة من الانحدارات الهينة شمال وشرق الجبل الأحمر في مدينة نصر، ومن أهم الألسنة التلية التي ألزمت عمران القاهرة بمناطق سهلية محددة هي: لسان المقطم المنحدر إلى مصر القديمة في منطقة كوم غراب وإسطبل عنتر
7
Page inconnue