علق هالم باندهاش: «ماذا! كيف لي ألا أفعل ذلك؟!» ثم أردف قائلا: «صدقني، درجة بعينها من درجات الأزرق الفاتح تدين رجلا، بالنسبة إلي، قبل أن يفتح فمه. جميعهم كذابون لهم مظهر خداع.» توقف ليأخذ نفسا من سيجارته. «وميالون إلى القتل، أيضا، خطر ذلك في بالي، رغم أني لم ألتق بكثير من القتلة.»
قال روبرت: «لقد نبهتني.» ثم أردف قائلا: «في المستقبل سأنأى بنفسي عن أصحاب العيون ذات اللون الأزرق الفاتح.»
ابتسم هالم ابتسامة عريضة. «ما دامت محفظتك معك، فلا داعي للقلق. جميع أكاذيب أصحاب العيون الزرقاء الفاتحة من أجل المال. ولا يلجئون إلى القتل إلا عندما تتعقد الأمور بسبب أكاذيبهم. ليس لون العيون هو علامة القاتل الحقيقي، إنما وضعها.» «وضعها؟» «أجل. لها وضع مختلف. أقصد العينين. تبدوان وكأنهما تنتميان لوجهين مختلفين.» «ظننتك لم تكن قد قابلت كثيرا من تلك العيون.» «لا، لكني قرأت سجلات القضايا كافة وتفحصت الصور. أدهشني دوما أنه لا يوجد سجل عن جرائم القتل يذكر ذلك، فهذا كثيرا ما يحدث. تباين وضع العينين، هذا ما أقصده.» «بهذا فهي بالكامل نظرية من وضعك.» «نتاج ملاحظتي الشخصية. هذا صحيح. عليك أن تجربها في وقت ما. فهي مذهلة. لقد وصلت إلى مرحلة أني أفتش في العيون الآن.» «أتقصد في الشارع؟» «لا، ليس تماما بهذا القدر من السوء. لكن في كل قضية قتل جديدة. أنتظر الصورة، وعندما تصل أفكر: «ها هي! ألم أقل لك؟!»» «وعندما تصل الصورة والعينان متماثلتان بدقة؟» «فذلك ربما تقريبا ما يطلق المرء عليه دائما حادث قتل عارض. هذا النوع من القتل الذي ربما يقوم به أحد في ظل ظروف معينة.» «وعندما تفحص صورة القس المبجل نيذر دمبليتون الذي يهديه الأبرشيون الممتنون هدية احتفالا بعامه الخمسين من الخدمة المتفانية، وتلاحظ أن وضع عينيه متباين بدرجة كبيرة، ما الاستنتاج الذي ستخلص إليه؟» «أن زوجته ترضيه، وأطفاله يطيعونه، وراتبه يكفيه لسد احتياجاته، ولا شأن له بالسياسة، وتربطه علاقات طيبة مع أصحاب الشأن المحليين، ومسموح له بأن يحصل على نوع الخدمات التي يرغب فيها. في الواقع، لم يكن لديه قط أدنى حاجة إلى قتل أحد.» «يبدو لي أنك تجمع بين الشيء ونقيضه دون مشكلة.»
قال هالم بامتعاض: «ها!» وأضاف قائلا، وهو يهم بالانصراف: «لا أفعل سوى أني أضيع ملاحظات الشرطة الدقيقة على عقل قانوني. ظننت أنك كمحام ستسر ببعض النصائح المجانية عن الحكم على أشخاص غرباء تماما.»
أشار روبرت قائلا: «كل ما تفعله هو تشويه عقل بريء. لن أستطيع أبدا أن أتفقد موكلا جديدا من الآن فصاعدا، من دون أن يسجل عقلي الباطن لون عينيه وتطابق وضعهما.» «حسنا، وهو المطلوب. إنه الوقت المناسب كي تعرف بعض الحقائق عن الحياة.»
قال روبرت، مستعيدا رزانته: «أشكرك على مجيئك لتخبرني عن قضية «فرنتشايز».»
قال هالم: «الهاتف في هذه المدينة لا يقل سرية عن المذياع.» «على أي حال، شكرا لك. لا بد أن أخبر السيدتين شارب في الحال.»
عندما غادر هالم المكان، رفع روبرت سماعة الهاتف.
لم يكن بوسعه، مثلما قال هالم، التحدث بحرية عبر الهاتف، لكنه كان سيقول إنه سيذهب لرؤيتهما في الحال وإنه يحمل أخبارا سارة. ذلك سيزيل عنهما الهم. وكذلك - بعد أن نظر في ساعته - كان هذا هو الوقت المحدد لموعد الراحة اليومي للسيدة شارب، وبهذا ربما كان على أمل أن يتفادى مقابلة التنين العجوز. وعلى أمل أيضا أن يتحدث على انفراد مع ماريون شارب، بكل تأكيد؛ لكنه أبقى تلك الفكرة غير المتبلورة في باله.
لكن لم يتلق ردا على اتصاله.
Page inconnue