وقلت: رسول الصابر عليه السلام، فخرج إلي حافيا ماشيا، ففتح لي بابه، وقبلني، وضمني إليه، وجعل يقبل عيني، ويكرر ذلك، كلما سألني عن رؤيته عليه السلام، وكلما أخبرته بسلامته وصلاح أحواله استبشر وشكر الله تعالى.
ثم أدخلني داره، وصدرني في مجلسه، وجلس بين يدي، فأخرجت إليه كتابه عليه السلام، فقبله قائما، وقرأه، ثم استدعى بماله وثيابه فقاسمني دينارا دينارا، ودرهما درهما، وثوبا ثوبا، وأعطاني قيمة ما لم يمكن قسمته، وفي كل شئ من ذلك يقول: يا أخي هل سررتك؟ فأقول: إي والله، وزدت على السرور، ثم استدعى العمل فأسقط ما كان باسمي، وأعطاني براءة مما يوجبه (1) علي منه وودعته وانصرفت عنه.
فقلت: لا أقدر على مكافاة هذا الرجل إلا بأن أحج في قابل وأدعو له، وألقى الصابر عليه السلام واعرفه فعله، ففعلت، ولقيت مولاي الصابر - عليه السلام - وجعلت أحدثه، ووجهه يتهلل فرحا، فقلت: يا مولاي هل سرك ذلك؟ فقال: اي والله لقد سرني، وسر أمير المؤمنين، والله لقد سر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله، ولقد سر الله تعالى (2).
25 - واستأذن علي بن يقطين مولانا الكاظم موسى بن جعفر عليهما السلام في ترك عمل السلطان، فلم يأذن له، وقال: لا تفعل، فإن لنا بك أنسا، ولإخوانك بك عزا، وعسى أن يجبر الله بك كسرا، أو يكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه.
يا علي كفارة أعمالكم الاحسان إلى إخوانكم، إضمن لي واحدة وأضمن لك ثلاثا، إضمن لي أن [لا] تلقى أحدا من أوليائنا إلا قضيت حاجته، وأكرمته، وأضمن لك أن لا يظلك سقف سجن أبدا، ولا ينالك حد سيف أبدا، ولا يدخل الفقر بيتك أبدا، يا علي من سر مؤمنا فبالله بدأ، وبالنبي صلى الله عليه وآله ثنى، وبنا ثلث (3).
26 - وقال عليه السلام: إن لله تعالى حسنة ادخرها لثلاثة: لإمام عادل،
Page 23