Le Livre du Jugement
كتاب القضاء (ط.ق)
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1404 - 1363 ش
Genres
وأما الجواب عما ذكر ثانيا من أن عدم سماع الدعوى المجهولة يوجب ابطال الحقوق الواقعية كثيرا ما الذي شرع لرفعه القضاء بين الناس فبالمنع من لزوم ذلك لامكان أن يجعل المدعي النزاع في المعين ولو في القدر المتيقن من دعواه ولو بأن يلقنه الحاكم ذلك لأنه لا دليل على منع ذلك وحرمته على الحاكم هذا كله فيما إذا كان هناك قد متيقن وأما لو لم يكن قدر متيقن في البين كما لو ادعى عليه عينا موجودا مرددا بين متباينين فيلاحظ القدر المتيقن بالنسبة إلى قيمة كل منهما فالمتيقن ولو من حيث القيمة في كل مورد موجود فيدعيه المدعي ويحكم عليه الحاكم ودعوى أن حق المدعي لعله كان أزيد من القدر المتيقن بحسب الواقع فيلزم ابطاله أيضا مدفوعة بأن إبطال الحقوق الواقعية أحيانا مع عدم الدليل الشرعي على احرازها حسبما هو المفروض من اختصاص أدلة الحكم بما أمكن الالزام على طبق الدعوى مما لا ضير فيه أصلا كما لا يخفى.
فإن قلت ما المانع من السماع على الحاكم بعد وجود قدر متيقن يمكن إلزام المنكر به وأي فرق حينئذ بين أن يعلم ادعاء القدر المتيقن صريحا أو ضمنا.
قلت لا مانع من حكم الحاكم بالقدر المتيقن المعلوم دعواه في ضمن الدعوى المجهولة لان مرجع - الدعوى بالنسبة إليه إلى دعوى معلومة لا مانع من سماعها والحكم على طبقها لكنه لا دخل له بسماع الدعوى المجهولة من حيث هي مجهولة كما هو محل البحث وان أريد من سماع الدعوى المجهولة هو ذلك باعتبار صيرورتها سببا لدعواه فنحن نلتزم بذلك ولم يظهر من المنكرين انكاره أيضا هذا.
ثم إن بما ذكرنا يظهر أيضا فساد ما أورده جماعة على المنكرين من النقض بالاقرار بالمجهول أو الوصية بالمجهول أو ادعاء أحدهما وقياس ما نحن فيه بتلك الموارد لأنك قد عرفت أن المانع من السماع في المقام هو عدم امكان الحكم على طبق المدعى فلا يجري أدلة وجوب الحكم وسماع الدعوى بخلاف الأمور المذكورة فإنه لا مانع من جريان أدلتها أما في الاقرار بالمجهول والوصية به فظاهر وأما في ادعاء أحدهما فلانه لا دخل له بالدعوى المجهولة لان متعلق الدعوى فيهما أمر معلوم لا جهل فيه أصلا وإنما الجهل في متعلق متعلقها كما لا يخفى فلا مانع من سماعه وثبوته بالبينة والحكم على طبقه وترتب ثمرة نفس الاقرار بالمجهول والوصية به عليه فتبين مما ذكرنا كله ان الدعوى المجهولة بما هي لما لم يمكن الحكم عليها فلا دليل على وجوب سماعها والقول بأنه يجب سماعها مقدمة للحكم بالقدر المتيقن فمع ما عرفت من أن وجوب السماع إنما هو لأجل الالزام بالمدعى من حيث هو والمفروض عدم امكانه فيه أنه أشبه شئ بالأكل من القفاء لأنه إذا فرض ثمرة سماع الدعوى المجهولة هي الحكم بالقدر المتيقن فليجعل المدعى مورد الدعوى أولا هو القدر المتيقن هذا كله بالنسبة إلى وجوب السماع.
وأما جوازه فلا دليل على المنع منه فمقتضى الأصل جوازه بل لا يبعد القول برجحانه من حيث موافقته للاحتياط والخروج عما افتى جماعة بوجوبه ورجاء ان يترتب عليه فائدة للمدعي ولو بإقرار المدعى عليه أو قيام البينة على التعيين إلى غير ذلك من الفوائد.
فإن قلت كيف يذهب إلى جواز الاحتياط بل رجحانه في الفرض المزبور مع أنه مستلزم للالزام على المدعى عليه وهو إيذاء وظلم يحرم بحكم العقل والنقل والمفروض عدم قيام الدليل على جوازه فمقتضى الأصل في المقام هو الحكم بعدم جواز السماع ما لم يقم دليل عليه لا جوازه إلا إذا قام دليل على المنع حسبما هو قضية الاستدلال المذكور.
Page 85