فالوجه أن يقال: إن السبب واحد وهو نفس الأخذ، وإنما يتسبب عنه أمور مترتبة في الوجود، نظير الملكية الحاصلة لمراتب الموقوف عليهم على الترتيب بالجعل الأولي من المالك، بل وأمر المقام أوجه منها; لأن المراتب حاصلة بنفس الحصول الأولي على نحو من الحصول. غاية الأمر أن اختصاص الأداء إنما يحصل بعد تعذر المراتب الفوقانية وهذا كله واضح للمتدبر العارف بوجوه المعاني أو صروف الكلام.
فإن قلت: إن التي تشتمل عليها العين من الحصة أو المالية فهي مقيدة بها متعذر أداؤها بتعذر أدائها، وأما الحصة الأخرى والمالية المطلقة الموجودة في فرد آخر، فثبوتها ووجوب أدائها يحتاج إلى دليل آخر لمغايرتها لما هي الثابتة بثبوت العين.
قلت: لو سلمنا المغايرة عند التدقيق العقلي، فلا يخفى عدمها عند العرف كما عرفت، ومن أن نظرهم الأصلي إلى المالية المطلقة، لا خصوص ما هي القائمة منها بالعين، والرواية مسوقة لإثبات العين مع مراتبها المحكومة في العرف أنها من مراتبها في العهدة، هذا كله.
ولكن الإنصاف أن هذا الوجه أيضا لا يخلو عن تعسف.
ويحتمل أن تكون مخصوصة بحسب الدلالة المطابقية بعهدة العين، ودلت على وجوب أداء المثل والقيمة بالالتزام العرفي، إذ عهدة الشئ يلازم عندهم لوجوب أداء العين مع بقائه، والمثل عند تلفه. فالغاية إنما سيقت لعهدة العين فقط.
لا يقال: لو عمت العهدة صورة التلف فلا يعقل أن يكون الأداء غاية لها، إذ
Page 23