ولكن الإنصاف، أن النفس بعد في تزلزل من ذلك إذ نعلم مناط اقتضاء اليد على مال الغير، أن يكون عليه تلفه حتى يدعي انتفاؤه في الأمين، إذ من الممكن، أن يكون الوجه أمرا ساريا في جميع الأيادي، ومجرد استنباط مناط لم يعلم كونه مظنونا فضلا عن كونه معلوما لا يوجب صرف الإطلاق بعد إحراز كونه في مقام البيان، لأن الانصراف في قوة التقييد بل هو تقييد لبي لا يصار إليه إلا بعد ثبوت المقيد على الوجه المعتب ولا يكفي الاحتمال فيه.
وأما الأخبار الواردة، فممنوعة، بشهادتها على التقييد اللبي، سواء كان نفي الضمان المسبب عن التلف السماوي مدلوله التضمني أو الالتزامي، أو لعله من جهة مفروغيته من جهة الشرع، هذا ولكن مع هذا ليس دعوى الانصراف بذلك البعيد، فتدبر.
المقام الثاني: قد يتوهم أن الخارج من قاعدة اليد مطلق الأيادي المأذونة، من المالك أو من قام مقامه، بل وما كان برضاه وإن لم يكشف عنه فعل، ولا لفظ كالأخذ بشاهد الحال، وربما يؤيده تعليل كثير من الأصحاب في كثير من الأبواب لعدم الضمان، بأنها مأذونة، بل ربما يدعي أن الأمين الذي علل به عدم الضمان في الأخبار وفي كلمات الأخيار هو مطلق المأذون إذ ليس المعتبر، الوثاقة الواقعية، بل كونه أمينا، من جهة تسليط المالك إياه على وجه الاطمينان وهذا موجود في موارد الإذن كلها، إذ العاقل لا يسلط على ماله أحدا إلا على وجه الاطمينان ببقائه، وعدم إتلافه وعليه، فالخارج من القاعدة، بمقتضى استيناس الحكم وأخبار الأمين ومعاقد الإجماعات، هو المأذون من المالك المساوي في الصدق مع الأمين.
وأورد عليه، بانتقاض ذلك بموارد كثيرة، حكموا بالضمان، مع وجود الإذن
Page 32