148

La Lumière sur le Muwatta de Malik ibn Anas

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

Chercheur

الدكتور محمد عبد الله ولد كريم

Maison d'édition

دار الغرب الإسلامي

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٩٩٢ م

Genres

الصحابة، كيف تعرف أمتك؟ قال: لكم سيما ليست لأحد من الأمم غيركم، "تَأتونَ غُرًّا (١) مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الوُضوءِ" (٢) فقيل الوضوء مخصوص بهذه الأمة وقيل هو لسائر الأمم لكن خصت هذه الأمة بتبليج نوره عليهم ليتميزوا لنبيهم، ﷺ، في عرصات الموقف. وفي هذا الحديث تشبيه الرجل الكريم بالخيل كما شبَّه الرجل اللئيم بالحمار، وفيه أن الأغرَّ من الخيل أشرف من البهم (٣)، وقوله: "فَلَا (٤) يُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي" معجزة لأنه خبر مُغَيَّبين أحدهما ما وقع من التبديل في الناس بعد موته ﷺ. والثاني ما يكون من الحكم يوم القيامة مما لا يعلمه أحد غيره. وقوله فأقول ربِّ أصحابي، إشارة إلى أنه يأخذهم بالظاهر فيقال: قد بدلوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (٥). وقال: "فَأَقُولُ فَسُحْقًا فَسُحْقًا" (٦)، فإن قيل فكيف يكون لهم آثار الوضوء ثم يقال لهم فسحقًا قيل فيه وجهان:

(١) الغر: جمع للأغر من الغرة بياض الوجه يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة. النهاية: ٣/ ٣٥٤. (٢) متفق عليه، البخاري في كتاب الوضوء، باب فضل الوضوء: ١/ ٤٦، ومسلم في الطهارة باب استحباب اطالة الغرة: ١/ ٢١٦ كلاهما عن أبي هريرة. (٣) البُهُم جمع بهيم وهو في الأصل الذي لا يخالط لونه لون سواه. النهاية ١/ ١٦٧. (٤) قال الباجي: هكذا رواه يحيى وتابعه عليه مطرف، وروى أبو مصعب فيذادن وتابعه ابن القاسم وابن وهب وأكثر رواة الموطأ، وقال ابن وضاح: فلا يذادن لا يفعلن رجل فعلًا يذاد به عن حوضي كما يذاد البعير الضال يريد الذي لا ربّ له فيسقيه، قال ابن وهب: معناه يطردن. المنتقى: ١/ ٧٠. وقال ابن عبد البر: أما رواية يحيى فلا يذادنّ على النهي فقيل إنه قد تابعه على ذلك ابن نافع ومطرف، وقد خرج بعض شيوخنا معنى حسنًا لرواية يحيى ومن تابعه أن يكون على النهي أي لا يفعل أحد فعلًا يطرد به عن حوضي وقال لكن قوله: أناديهم ألا هَلُمَّ خبر لا يجوز عليه النسخ ولا بد أن يكون، والله أعلم. الاستذكار: ١/ ٢٤٢. (٥) سورة المائدة، آية ١١٧. (٦) قال الباجي: فسحقًا أي بعدًا لهم. المنتقى: ١/ ٧٠، وقال السيوطي: هي بسكون الحاء وضمها لغتان أي بعدًا، وهو منصوب على تقدير ألزمهم الله سحقًا وسحقهم سحقًا. تنوير الحوالك: ١/ ٥١.

1 / 154