Purity of the Muslim in Light of the Quran and Sunnah
طهور المسلم في ضوء الكتاب والسنة
Maison d'édition
مطبعة سفير
Lieu d'édition
الرياض
Genres
١٩
سلسلة مؤلفات سعيد بن علي بن وهف القحطاني
_
طهور المسلم في ضوء الكتاب والسنة - مفهوم، وفضائل، وآداب، وأحكام
Page inconnue
بسم الله الرحمن ... الرحيم
قال الله تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ...﴾ البقرة: ٢٢٢.
وقال ﷺ:
«الطهور شطر الإيمان».
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في «طهور المسلم» بينت فيها: مفهوم، وفضائل، وآداب، وأحكام الطهارة التي هي شطر الإيمان، ومفتاح الصلاة، وذكرت فيها كل ما يحتاجه المسلم في طهارته ونظافته ونزاهته، كل ذلك مقرونًا بالأدلة من الكتاب والسنة، فما كان من صواب فمن الله الواحد المنّان، وما كان من خطأ أو تقصير فمني ومن الشيطان، والله
1 / 4
بريء منه ورسوله ﷺ (١).
وقد عرضت ما أشكل عليّ من مسائله الخلافية على سماحة الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، رحمه الله تعالى، وأعظم مثوبته، فأخذت بما يُرجحه (٢)، غفر الله له ورحمه.
وقد قسمت البحث إلى تسعة مباحث وتحت كل مبحث مطالب ومسالك في الغالب مرقَّمة على النحو الآتي:
- المبحث الأول: مفهوم الطهارة وأنواعها.
- المبحث الثاني: أنواع النجاسات ووجوب تطهيرها أو زوالها.
_________
(١) اقتداء بما قاله عبد الله بن مسعود ﵁ أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب فيمن تزوج ولم يسمِّ صداقًا حتى مات، برقم ٢١١٦، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، ٢/ ٣٩٧، وانظر: الروح لابن القيم ص ٣٠.
(٢) سواء كان ذلك عن طريق المقابلة والاستفتاء أو الرجوع إلى مؤلفاته وترجيحاته وتقريراته عند العجز عن المقابلة.
1 / 5
- المبحث الثالث: سنن الفطرة وأنواعها.
- المبحث الرابع: آداب قضاء الحاجة.
- المبحث الخامس: الوضوء.
- المبحث السادس: المسح على الخفين والعمائم والجبيرة.
- المبحث السابع: الغسل.
- المبحث الثامن: التيمم.
- المبحث التاسع: الحيض والنفاس والاستحاضة والسلس.
وأسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يجعل هذا العمل القليل مباركًا خالصًا لوجهه الكريم، مقربًا لمؤلفه، وقارئه، وطابعه، وناشره من جنات النعيم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه، إنه خير مسئول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد الناس أجمعين، نبينا محمد
1 / 6
وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف
حرر يوم الإثنين يوم التروية ٨/ ١٢/١٤١٥هـ
1 / 7
المبحث الأول: تعريف الطهارة وأنواعها
١ - مفهوم الطهارة:
- الطهارة لغة: النظافة والنزاهة عن الأقذار الحسية والمعنوية.
- وشرعًا: ارتفاع الحدث بالماء أو التراب الطهورين المباحين، وزوال النجاسة والخبث، فالطهارة هي زوال الوصف القائم بالبدن المانع من الصلاة ونحوها (١).
٢ - الطهارة نوعان: معنوية وحسية:
النوع الأول: الطهارة الباطنة المعنوية، وهي: الطهارة من الشرك والمعاصي، وتكون بالتوحيد والأعمال الصالحة، وهي أهم من طهارة البدن، بل لا يمكن أن تقوم طهارة البدن مع وجود نجس الشرك
_________
(١) انظر: المغني لابن قدامة ١/ ١٢،وتوضيح الأحكام من بلوغ المرام لعبد الله البسام،
١/ ٨٧.
1 / 8
﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ (١)، وقال النبي ﷺ: «إن المؤمن لا ينجس» (٢)، فيجب على كل مُكلَّفٍ أن يُطَهِّرَ قلبه من نجاسة الشِّرك، والشَّكِّ، وذلك بالإخلاص والتوحيد، واليقين. ويُطَهِّر نفسه وقلبه من أقذار المعاصي، وآثار الحسد، والحقد، والغلّ، والغِشّ، والكبر، والعجب، والرِّياء والسُّمعة ... وذلك بالتوبة الصادقة من جميع الذنوب والمعاصي. وهذه الطهارة هي شطر الإيمان والشطر الثاني هي الطهارة الحسية.
النوع الثاني: الطهارة الحسية: وهي الطهارة من الأحداث والأنجاس، وهذا هو شطر الإيمان الثاني، قال النبي ﷺ: «الطهور شطر الإيمان» (٣). وتكون بما شرع
الله من الوضوء، والغسل، أو التيمم عند فقد الماء.
_________
(١) سورة التوبة، الآية: ٢٨.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس، برقم ٢٨٣، ومسلم في كتاب الحيض، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس، برقم ٣٧١ من حديث أبي هريرة ﵁.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، برقم ٢٢٣.
1 / 9
وزوال النجاسة أو إزالتها من اللِّباس، والبدن، ومكان الصلاة (١).
٣ - تكون الطهارة بطهورين:
الأول: الطهارة بالماء، وهي الأصل، فكلُّ ماءٍ نزل من السماء، أو خرج من الأرض وهو باقٍ على أصل خلقته فهو طهور، يُطهِّر من الأحداث والأخباث، ولو تغير طعمه، أو لونه، أو ريحه بشيء طاهر، لقوله ﷺ: «إن الماء طَهورٌ لا ينجِّسُهُ شيء» (٢)، ومن ذلك: ماء المطر، ومياه العيون، والآبار، والأنهار، والأودية، والثلوج
الذائبة، والبحار، قال ﷺ في ماء البحر: «هو الطّهور ماؤه
_________
(١) انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين ١/ ١٩، ومنهاج المسلم لأبي بكر الجزائري ص١٧٠، وشرح عمدة الأحكام للمقدسي لسماحة العلامة ابن باز ص٢ مخطوط في مكتبتي الخاصة.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة، برقم ٦٧، والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء، برقم ٦٦، والنسائي في كتاب المياه، باب ذكر بئر بضاعة، برقم ٣٢٥، وصححه أحمد، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ١/ ١٦.
1 / 10
الحِلُّ ميتته» (١).
أما ماء زمزم فقد ثبت من حديث علي ﵁: «أن رسول الله ﷺ دعا بسجلٍ من زمزم فشرب منه وتوضأ» (٢)، فإن تغير: لون الماء، أو طعمه، أو ريحه بنجاسة فهو نجس بالإجماع يجب اجتنابه (٣).
الثاني: الطهارة بالصعيد الطاهر، وهو بدل عن الطهارة بالماء، إذا تعذر استعمال الماء لأعضاء الطهارة، أو بعضها لعدمه، أو خوف ضرر باستعماله فيقوم التراب
الطاهر مقام الماء (٤).
_________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، برقم ٨٣، والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، برقم ٦٩، والنسائي في كتاب المياه، باب الوضوء بماء البحر، برقم ٣٣١، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء بماء البحر، برقم ٣٨٦. وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح»، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ١٩، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٤٨٠.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في «زوائد المسند» ١/ ٧٦، وحسنه الألباني في إرواء الغليل،
١/ ٤٥، برقم ١٣، وتمام المنة ص ٤٦.
(٣) انظر فتاوى ابن تيمية ٢١/ ٣٠، وسبل السلام شرح بلوغ المرام للصنعاني ١/ ٢٢.
(٤) انظر: منهاج السالكين وتوضيح الفقه في الدين للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص ١٣.
1 / 11
المبحث الثاني: أنواع النجاسات ووجوب تطهيرها أو زوالها
النجاسة: هي القذارة التي يجب على المسلم أن يتنزَّه عنها ويغسل ما أصابه منها، قال الله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ
فَطَهِّرْ﴾ (١)، وقال سبحانه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ (٢) ومن هذه النجاسات ما يأتي:
١ - بول الآدمي وغائطه، ويكون تطهيره بالغسل والإزالة على النحو الآتي:
أ - تطهير بول الغلام والجارية . قال النبي ﷺ: «بول الغلام يُنضَح (٣) وبول الجارية يُغْسَل» (٤) وهذا
_________
(١) سورة المدثر، الآية: ٤.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٢٢.
(٣) النضح: هو البل بالماء والرش. فبول الغلام الذي لم يطعم ولم يأكل يكفي فيه أن يرش فيُتبع بالماء دون فرك ولا عصر حتى يشمله كله. انظر: النهاية في غريب الحديث، ٥/ ٦٩، والقاموس المحيط، ص٣١٣، والمصباح المنير، ٢/ ٦٠٩، والشرح الممتع، ١/ ٣٧٢.
(٤) أخرجه أحمد في المسند، ١/ ٧٦، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب بول الصبي يصيب الثوب، برقم ٦١٠، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما ذكر في نضح بول الغلام الرضيع، برقم ٦١٠، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، برقم ٥٢٥. وصححه الألباني في إرواء الغليل ١/ ١٨٨، برقم ١٦٦.
1 / 12
«ما لم يطعما، فإن طعما غُسِلا جميعًا» (١).
ب- تطهير النعل يكون بالدَّلك في الأرض؛ لقوله ﷺ: «إذا وَطِئَ أحدكم بنعليه الأذى؛ فإن التراب له طهور» (٢).
ج - تطهير ذيل ثوب المرأة: يُطَهِّرُهُ التراب، فقد ثبت عن النبي ﷺ أن المرأة إذا مشت في الطريق القذر، وبعده مكان طاهر أطيب منه، فإن ذيل ثوبها
يطهر بذلك؛ ولهذا قال ﷺ: «يطهره ما بعده» (٣).
_________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب بول الصبي يصيب الثوب، برقم ٣٧٨، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، ١/ ٧٦، برقم ٣٦٤، وأصل نضح بول الغلام الصغير الذي لم يأكل الطعام. متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب بول الصبيان، برقم ٢٢٣، ومسلم في كتاب الطهارة، باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله، برقم ٢٨٧ من حديث أم قيس بنت محصن.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الأذى يصيب النعل، برقم ٣٨٥، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، ١/ ٧٧، برقم ٣٧١.
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الأذى يصيب الذيل، برقم ٣٨٣، والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من الموطَئ، برقم ١٤٣.
1 / 13
د - تطهير الأرض والفراش، إذا أصاب البول أو الغائط الأرض أو الفراش، فإن الغائط يزال ويصب مكانه ماء، أما البول فيكاثر بالماء؛ ولهذا قال ﷺ في الأعرابي الذي بال في المسجد: «دعوه وأهريقوا على بوله سجلًا من ماء أو ذنوبًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» (١)، وتزال آثار الغائط والبول بالاستنجاء أو الاستجمار كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
٢ - دم الحيض، يُطهر بالدَّلْك والغسل، قال ﷺ في دم الحيض يصيب الثوب: «تَحتُّهُ، ثم تَقْرُصُه بالماء، ثم
تَنْضَحُهُ، ثم تُصلي فيه» (٢).
_________
(١) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد، برقم ٢٢٠، ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، برقم ٢٨٤.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم ٢٢٧، ومسلم في كتاب الطهارة، باب نجاسة الدم وكيفية غسله، برقم ٢٩١.
1 / 14
٣ - ولوغ الكلب في الإناء (١)، قال ﷺ: «طهور إناء
_________
(١) آسار البهائم، والحيوانات، والسباع فيه تفصيل: ولا شك أن السؤر: هو الفضلة وبقية الشراب أو الطعام. ومعلوم أن الحيوان قسمان: نجس وطاهر. فالقسم الأول نجس وهو نوعان: النوع الأول نجس قولًا واحدًا: وهو الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما فهو نجس عينه وسؤره وجميع ما خرج منه. النوع الثاني مختلف فيه، وهو الحمار الأهلي والبغل، وجوارح الطير: كالصقر والحدأة، وسباع البهائم: كالذئب، والنمر. والأسد. والراجح كما ذهب إليه أكثر أهل العلم أن آسار هذه الحيوانات طاهر؛ لأنه يشق التحرز منها غالبًا. انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ٥/ ٣٨٠، والمغني، ١/ ٦٨، والشرح الممتع، ١/ ٣٩٦. القسم الثاني: طاهر في نفسه وسؤره وعرقه وهو ثلاثة أنواع: النوع الأول الآدمي فهو طاهر وسؤره طاهر؛ لأن المؤمن لا ينجس، وحيضة المرأة ليست في يدها. النوع الثاني مأكول اللحم: طاهر وسؤره طاهر بالإجماع، إلا الجلاّلة مختلف في سؤرها، فتكون من النوع الثاني من القسم الأول، وتقدم الترجيح. النوع الثالث: الهرة سؤرها طاهر؛ لأنها من الطوافين. انظر: المغني لابن قدامة، ١/ ٦٤ - ٧٠، ومعلوم أن الحيوان نوعان: ما ليس له نفس سائلة، وما له نفس سائلة: النوع الأول: ما ليس له نفس سائلة، أي لا يسيل دمه إذا قتل أو جرح، وهو على قسمين: الأول: ما يتولد من الطاهر فهو طاهر، حيًا وميتًا: كالديدان، والذباب ونحو ذلك، ولكن الذباب إذا وقع في الإناء يغمس فيه؛ لأن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء. والثاني ما يتولد من النجس كالصراصير متولدة من نجاسة البالوعة فهو نجس حيًا وميتًا. النوع الثاني ما له نفس سائلة، وهو ثلاثة أقسام: الأول ما تباح ميتته وهو السمك والجراد، وجميع حيوانات البحر التي لا تعيش إلا في الماء فهو طاهر حيًا وميتًا. الثاني ما لا تباح ميتته كحيوان البر المأكول، وحيوان البحر الذي يعيش في البر كالضفدع والتمساح ونحو ذلك فهذا نجس بعد الموت. النوع الثالث: الآدمي طاهر حيًا وميتًا. المغني، ١/ ٥٩ - ٦٣، والشرح الممتع، ١/ ٧٤ و٧٧، و٣٧٨، و٣٩٣ - ٣٩٧.
1 / 15
أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أُولاهنَّ بالتُّراب»، وفي رواية: «فليرقه ...» الحديث (١).
٤ - الدم المسفوح ولحم الخنزير والميتة، ﴿قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ (٢).
وجلد الميتة - التي يؤكل لحمها في حياتها (٣) بعد ذكاتها
- يطهر بالدباغ، كما قال ﷺ: «إذا دُبغ الإهاب فقد طَهُر» (٤).
_________
(١) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم ٢٧٩.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٤٥.
(٣) قال سماحة شيخنا ابن باز في شرحه لبلوغ المرام حديث رقم ٢٠: واختلف في إهاب ما لا يؤكل لحمه هل يطهر بالدبغ أم لا؟ فقيل: حديث الدباغ عام لجميع الجلود، حتى جلود السباع. وقيل: إنه خاص بما يؤكل لحمه، وأحسن الأقوال وأقربها، وأظهرها أن الدباغ خاص بما يؤكل لحمه، وإن كان القول الآخر قويًا. وانظر: فتاوى ابن تيمية ٢١/ ٩٠ - ٩٦، والفتاوى الإسلامية ١/ ٢٠٢، وتهذيب السنن ٦/ ٦٤ - ٧٢، وزاد المعاد ٥/ ٧٥٤ - ٧٥٦، والشرح الممتع ١/ ٧٥.
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ، برقم ٣٦٦، وأما حديث عبد الله بن عكيم قال: إن النبي ﷺ، كتب إلينا «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب»، أخرجه أحمد وأبو داود في كتاب اللباس، باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة، برقم ٤١٢٨، والترمذي في كتاب اللباس، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت برقم ١٧٢٩، والنسائي في كتاب الفرع، باب ما يدبغ به جلود الميتة، برقم ٤٢٤٩، وابن ماجه في كتاب اللباس، باب من قال لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب، برقم ٣٦١٣. وصححه الألباني في الإرواء ١/ ٧٦ - ٧٧. فهذا الحديث قيل فيه: إنه ضعيف، ولا يقابل الحديث الصحيح في مسلم، ولو صح وثبت أنه بعد حديث ميمونة لكان محمولًا على الإهاب قبل الدبغ، فحينئذ يحصل الجمع بينه وبين حديث ميمونة. ورجح هذا سماحة العلامة ابن باز في شرحه لبلوغ المرام، حديث رقم ٢٣، والعلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع، ١/ ٧١، وانظر: التلخيص الحبير،
١/ ٤٧.
1 / 16
أما ميتة الجراد والسمك، فقد جاء عنه ﷺ: «أُحلّ لنا ميتتان ودمان: أما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان الكبد والطحال» (١).
٥ - الوَدْيُ: ماء أبيض ثخين، يخرج كَدِرًا بعد البول، ويُطهّرُ بغسل الذكر، ثم الوضوء (٢)، وإذا أصاب
_________
(١) أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٩٧، وابن ماجه في كتاب الصيد، باب صيد الحيتان والجراد، برقم ٣٢١٨، وفي كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال، برقم ٣٣١٤، والدارقطني في كتاب الأشربة وغيرها، باب الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك، برقم ٤٦٨٧.
(٢) المغني لابن قدامة ١/ ٢٣٣، قال الإمام العلامة ابن باز: غسل الأنثيين خاص بالمذي دون الودي.
1 / 17
البدن منه شيء غُسل.
٦ - المذي: وهو ماء أبيض لزج يخرج عند التفكير بالجماع أو عند الملاعبة، وهو من النجاسات التي يشق الاحتراز عنها فخُفِّف تطهيره، فمن حصل له ذلك: «فليغسل ذكره وأنثييه (١) وليتوضأ وضوءه للصلاة» (٢)، ويغسل ما أصاب البدن، ويرش كفًَّا من ماء على ما أصاب
الثوب أو السراويل؛ لحديث سهل بن حنيف ﵁ (٣).
٧ - المني: هو ما يخرج دفقًا بِلَذَّةٍ، ويوجب
_________
(١) أنثييه: خصيتيه.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المذي، برقم ٢٠٦، ٢٠٨، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٤١، برقم ١٩٠ - ١٩٢، وأصله متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب غسل المذي والوضوء منه، برقم ٢٦٩، ومسلم في كتاب الحيض، باب المذي، برقم ٣٠٣.
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المذي، برقم ٢١٠، والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في المذي يصيب الثوب، برقم ١١٥، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من المذي، برقم ٥٠٦، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، ١/ ١٤٢.
1 / 18
الغسل، وهو طاهر على الصحيح (١)، ولكن يستحب غسله إذا كان رطبًا، وفركه إذا كان يابسًا، فقد ثبت عن عائشة ﵂ أنها قالت لرجل يغسل ثوبه من المني: «إنما كان يجزئك إن رأيته أن تغسل مكانه، فإن لم تَرَ نضحت حوله، ولقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله ﷺ فيصلِّي فيه» (٢)، وفي رواية: «وإني لأحكُّهُ من ثوب رسول الله ﷺ يابسًا بظفري» (٣)، وقالت: «إن رسول الله ﷺ كان يغسل
المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه» (٤).
٨ - الجلاّلة: وهي الدابة التي تأكل العذرة، فإذا حُبِست حتى يزول عنها اسم الجلاّلة فلحومها وألبانها طاهرة حلال بعد الحبس، فقد ثبت عن ابن عمر، رضي الله
_________
(١) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ٣/ ١٩٧ - ١٩٩، وهو الذي يرجحه ويفتي به سماحة شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم المني، برقم ٢٨٨.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم المني، برقم ٢٩٠.
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم المني، برقم ٢٨٩.
1 / 19
عنهما، أنه قال: «نهى رسول الله ﷺ عن لحوم الجلاّلة وألبانها» (١)، وكان ابن عمر إذا أراد أكل الجلاّلة حبسها ثلاثًا (٢)، وعنه يرفعه: «نهى عن الجلاّلة في الإبل أن يركب عليها، أو يشرب من ألبانها» (٣).
٩ - الفأرة: إذا وقعت الفأرة في السمن - سواء كان مائعًا أو جامدًا - تُلْقَى وما حولها، فعن ميمونة ﵂، أن رسول الله ﷺ سُئل عن فأرة سقطت في سمن فقال: «ألقوها وما حولها فاطرحوه، وكلوا سمنكم» (٤)،
_________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الأطعمة، باب النهي عن أكل الجلالة وألبانها، برقم ٣٧٨٥، والترمذي في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في أكل لحوم الجلالة وألبانها، برقم ١٨٢٤، وابن ماجه في كتاب الذبائح، باب النهي عن لحوم الجلالة، برقم ٣١٨٩، وانظر: إرواء الغليل للألباني، ٨/ ١٤٩ - ١٥١.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ولفظه: "أنه كان يحبس الدجاجة الجلاّلة ثلاثًا"، انظر: إرواء الغليل ٨/ ١٥١، برقم ٢٥٠٥.
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب الأطعمة، باب النهي عن أكل الجلالة وألبانها، برقم ٣٧٨٧.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء، برقم ٢٣٥، ورقم ٥٥٣٨، و٥٥٣٩، و٥٥٤٠.
1 / 20
هذا إذا لم يكن في السمن المتبقي أثر النجاسة في طعمه، أو لونه، أو رائحته، وإلا أُلقي ما تبقى، فيكون كالماء: إذا لم يتغير أحد أوصافه بنجاسة فهو طهور والله أعلم (١).
١٠ - بول وروث ما يؤكل لحمه: نجس؛ لحديث جابر ﵁: «نهى رسول الله ﷺ أن يُتمسح بعظم أو ببعر» (٢)، وثبت أنه ﷺ امتنع من الاستجمار بالروث،
وقال: «هذا ركس» (٣).
أما بول وروث مأكول اللحم فطاهر؛ لأمر النبي ﷺ الصحابة بالشرب من بول الإبل (٤)، ولهذا كان النبي ﷺ:
_________
(١) انظر فتاوى ابن تيمية، ٢١/ ١٩ - ٢١ و٣٨ - ٣٩، و٤٨٨ - ٥٠٢، ورجح هذا القول ابن باز في شرح بلوغ المرام، مخطوط.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الاستطابة، برقم ٢٦٣.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب لا يستنجى بروث، رقم ١٥٦.
(٤) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها، برقم ٢٣٣، ومسلم في كتاب القسامة، باب حكم المحاربين والمرتدين، برقم ١٦٧١.
1 / 21