184

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

Maison d'édition

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٤١ هـ

Lieu d'édition

السعودية

Genres

وَأَيْضًا: فَمَا يَقُولُ هَذَا الْمُتَكَلِّفُ فِي قَوْلِ هَذَا الْمُعَظَمِ: إنَّ النَّبِيّ ﷺ لَبِنَةٌ مِن فِضَّةٍ، وَهُوَ لَبِنَتَانِ مِن ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَيَزْعُمُ أَنَّ لَبِنَةَ مُحَمَّدٍ ﷺ هِيَ الْعِلْمُ الظَّاهِرُ، وَلَبِنَتَاهُ: الذَّهَبُ عِلْمُ الْبَاطِنِ وَالْفِضَّةُ عِلْمُ الظَّاهِرِ، وَأَنَّهُ يَتَلَقَّى ذَلِكَ بِلَا وَاسِطَةٍ. وَيُصَرِّحُ فِي فُصُوصِهِ أَنَّ رُتْبَةَ الْوِلَايَةِ أَعْظَمُ مِن رُتْبَةِ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَأْخُذُ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَالنَّبِيَّ بِوَاسِطَةِ، فَالْفَضِيلَةُ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهُ امْتَازَ بِهَا عَلَى النَّبِيّ ﷺ أَعْظَمُ عِنْدِهِ مِمَّا شَارَكَهُ فِيهِ. [٤/ ١٧١ - ١٧٢] ٢٤٣ - أَمَّا مَا يَرْوِيه هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ كَابْنِ عَرَبِيٍّ فِي الْفُصُوصِ وَغَيْرِهِ مِن جُهَّالِ الْعَامَّةِ: "كنْت نَبِيًّا وَآدمُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ"، "كُنْت نَبِيًّا وَآدمُ لَا مَاءَ وَلَا طِينَ": فَهَذَا لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِن أَهْلِ الْعِلْمِ الصَّادِقِينَ وَلَا هُوَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ الْمُعْتَمَدَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَإِنَّمَا قَالَ: "بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ"، وَقَالَ: "وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ" (^١)؛ لِأَنَّ جَسَدَ آدَمَ بَقِيَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ. وَالْأحَادِيثُ فِي خَلْقِ آدمَ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ مَشْهُورَة فِي كُتُب الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِمَا، فَأخْبَرَ ﷺ أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا، ايْ: كُتِبَ نَبِيًّا وَآدمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ. وَهَذَا - وَاللّهُ أَعْلَمُ - لأنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ فِيهَا يُقَدَّرُ التَّقْدِيرُ الَّذِي يَكُونُ بِأَيْدِي مَلَائِكةِ الْخَلْقِ، فَيُقَدَّرُ لَهُم وَيَظْهَرُ لَهُمْ، وَيُكتَبُ مَا يَكُونُ مِن الْمَخْلُوقِ قَبْلَ نَفْخِ الرُوحِ فِيهِ. [٢/ ١٤٧ - ١٤٨] ٢٤٤ - كُنْت قَدِيمًا مِمَن يُحْسِنُ الظَّنَّ بِابْنِ عَرَبِيٍّ وَيُعَظِّمُهُ؛ لِمَا رَأَيْت فِي كُتُبِهِ مِن الْفَوَائِدِ؛ مِثْل كَلَامِهِ فِي كَثِيرٍ مِن "الْفُتُوحَاتِ"، و"الكنة"، و"الْمُحْكَمِ الْمَرْبُوطِ"، و"الدُّرَّةِ الْفَاخِرَةِ"، و"مَطَالِعِ النُّجُومِ"، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(^١) قال الشيخ: أيّ: مُلْتَفٌ وَمَطْرُوحٌ عَلَى وَجْهِ الْأرْضِ، صورَةً مِن طِينٍ، لَمْ تَجْرِ فِيهِ الرُّوحُ بَعْدُ. (٢/ ١٥٠).

1 / 190