Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Maison d'édition
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٤١ هـ
Lieu d'édition
السعودية
Genres
وَأَمَّا فِعْلُ ذَلِكَ تَدَيُّنا وَتَقَرُّبًا: فَهَذَا مِن أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ، وَمَن اعْتَقَدَ مِثْل هَذَا قُرْبَةً وَتَدَيُّنًا فَفوَ ضَالٌّ مُفْتَرٍ؛ بَل يُبَيَّنُ لَهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِدِين وَلَا قُرْبَةٍ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ اُسْتُييبَ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ.
وَأَمَّا إذَا أُكرِهَ الرَّجُلُ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ لَو لَمْ يَفْعَلْهُ لَأَفْضَى إلَى ضَرْبِهِ، أَو حَبْسِهِ، او أَخْذِ مَالِهِ، أَو قَطْعِ رِزْقِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِن بَيْتِ الْمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِن الضَّرَرِ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ فَاِنَّ الْإِكْرَاهَ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ يُبِيحُ الْفِعْلَ الْمُحَرَّمَ كشُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَن أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكْرَهَهُ بِقَلْبِهِ، وَيَحْرِصَ عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْهُ بِحَسَبِ الْإمْكَانِ، وَمَن عَلِمَ اللهُ مِنْهُ الصِّدْقَ أَعَانَهُ اللّهُ تَعَالَى، وَقَد يُعَافَى بِبَرَكَةِ صِدْقِهِ مِن الْأَمْرِ بِذَلِكَ.
وَأمَّا فِعْلُ ذَلِكَ لِأجْلِ فُضولِ الرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ فَلَا، وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى مَثَلِ ذَلِكَ وَنَوَى بِقَلْبِهِ أنَّ هَذَا الْخُضُوعَ للّهِ تَعَالَى: كَانَ حَسَنًا؛ مِثْل أنْ يَكْرَهَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَيَنْوِيَ مَعْنًى جَائِزًا. [١/ ٣٧٢ - ٣٧٣]
* * *
(حكم النُّهُوضِ وَالْقِيَامِ عِنْدَ قُدُومِ شَخْصٍ معَيَّنٍ)
٢٢٨ - لَمْ تَكُنْ عَادَةُ السَّلَفِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ أَنْ يَعْتَادُوا الْقِيَامَ كُلَّمَا يَرَوْنَهُ ﷺ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِن النَّاسِ؛ بَل قَد قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ: "لَمْ يَكُن شَخْصٌ أَحَبُّ إلَيْهِم مِن النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانُوا إذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ؛ لِمَا يَعْلَمُونَ مِن كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ" (^١)، وَلَكِنْ رُبَّمَا قَامُوا لِلْقَادِمِ مِن مَغِيبِهِ تَلَقِّيًا لَهُ كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَامَ لِعِكْرِمَةَ، وَقَالَ لِلْأَنْصَارِ لَمَّا قَدِمَ سَعْدُ بْن مُعَاذٍ: "قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ" (^٢).
(^١) رواه الترمذي وصححه (٢٧٥٤)، والإمام أحمد (١٢٣٤٥)، والبخاري في الأدب المفرد (٩٤٦). (^٢) رواه البخاري (٣٠٤٣)، ومسلم (١٧٦٨).
1 / 176