166

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

Maison d'édition

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٤١ هـ

Lieu d'édition

السعودية

Genres

٢٢٢ - هَؤُلَاءِ الْمُسْتَغِيثُونَ بِالْغَائِبِينَ وَالْمَيِّتِينَ عِنْدَ قُبُورِهِمْ وَغَيْرِ قُبُورِهِمْ لَمَّا كَانُوا مِن جِنْسِ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ: صَارَ الشَّيْطَانُ يُضِلُّهُم وَيُغْوِيهِمْ كَمَا يَضِلُّ عُبَّادَ الْأَوْثَانِ وَيُغْوِيهِمْ، فَتَتَصَوَّرُ الشَّيَاطِينُ فِي صُورَةِ ذَلِكَ الْمُسْتَغَاثِ بِهِ، وَتُخَاطِبُهُم بِأَشْيَاءَ عَلَى سَبِيلِ الْمُكَاشَفَةِ، كَمَا تُخَاطِبُ الشَّيَاطِينُ الْكُهَّانَ، وَبَعْضُ ذَلِكَ صِدْقٌ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَذِبٌ؛ بَل الْكَذِبُ أَغْلَبُ عَلَيْهِ مِن الصِّدْقِ. وَقَد قَالَ الْخَلِيلُ ﵇: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ [إبراهيم: ٣٥، ٣٦]. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَجَرَ لَا يُضِل كَثِيرًا مِن النَّاسِ إلَّا بِسَبَب اقْتَضَى ضَلَالَهُمْ، وَلَمْ يَكُن أَحَدٌ مِن عُبَّادِ الْأَصْنَام يَعْتَقِدُ أَنَّهَا خَلَقَت السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؛ بَل إنَّمَا كَانُوا يَتَّخِذُونَهَا شُفَعَاءَ وَوَسَائِطَ لِأَسْبَاب: أ - مِنْهُم مَن صَوَّرَهَا عَلَى صُوَرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ. ب - وَمِنْهُم: مَن جَعَلَهَا تَمَاثِيلَ وَطَلَاسِمَ لِلْكَوَاكِبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. ج - وَمِنْهُمْ مَن جَعَلَهَا لِأَجْلِ الْجِن. د - وَمِنْهُم: مَن جَعَلَهَا لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ. فَالْمَعْبُودُ لَهُم فِي قَصْدِهِمْ إنَّمَا هُوَ الْمَلَائِكَةُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ، أَو الشَّمْسُ أَو الْقَمَرُ. وَهُم فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَعْبُدُونَ الشَّيَاطِينَ، فَهِيَ الَّتِي تَقْصِدُ مِن الْإِنْسِ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَتُظْهِرُ لَهُم مَا يَدْعُوهُم إلَى ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)﴾ [سبأ: ٤٠، ٤١] (^١). [١/ ٣٥٩ - ٣٦١] * * *

(^١) الشيخ ﵀ لا يرى أن عبادة المشركين للجن عن طريق القصد والمباشرة، ونحن نرى في الواقع من يعبد الجن صراحة ومباشرة، ويُسمون أنفسهم: عبدة الشياطين.

1 / 172