138

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

Maison d'édition

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٤١ هـ

Lieu d'édition

السعودية

Genres

قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأبْرِزَ قَبْرُهُ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا.
وَاتِّخَاذُ الْمَكانِ مَسْجِدًا: هُوَ أَنْ يُتخَذَ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا، كَمَا تُبْنَى الْمَسَاجِدُ لِذَلِكَ.
وَالْمَكَانُ الْمُتَّخَذُ مَسْجِدًا إنَّمَا يُقْصَدُ فِيهِ عِبَادَةُ اللهِ وَدُعَاؤُهُ لَا دُعَاءُ الْمَخْلُوقِينَ، فَحَرَّمَ ﷺ أَنْ تتخَذَ قُبُورُهُم مَسَاجِدَ بِقَصْدِ الصَّلَوَاتِ فِيهَا كَمَا تُقْصَدُ الْمَسَاجِدُ، وإِن كَانَ الْقَاصِدُ لِذَلِكَ إنَّمَا يَقْصِدُ عِبَادَةَ اللهِ وَحْدَهُ؛ لِأنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَة إلى أَنْ يَقْصِدُوا الْمَسْجِدَ لِأجْلِ صَاحِبِ الْقَبْرِ وَدُعَائِهِ وَالدُّعَاءِ بِهِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَهُ، فَنَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن اتِّخَاذِ هَذَا الْمَكَانِ لِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَرِيعَةَ إلَى الشِّرْكِ باللهِ.
وَالْفِعْلُ إذَا كَانَ يُفْضِي إلَى مَفْسَدَةٍ وَلَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَة رَاجِحَةٌ: يُنْهَى عَنْهُ؛ كَمَا نُهي عَن الصَّلَاةِ فِي الْأوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِن الْمَفْسَدَةِ الرَّاجِحَةِ، وَهُوَ التَّشَبُّهُ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِي يُفْضِي إلَى الشِّرْكِ، وَلَيْسَ فِي قَصْدِ الصَّلَاةِ في تِلْكَ الْأَوْقَاتِ مَصْلَحَة رَاجِحَةٌ لِإِمْكَانِ التَّطَوُّعِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِن الْأوْقَاتِ.
وَلهَذَا تَنَازَعَ الْعْلَمَاءُ فِي ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ: فَسَوَّغَهَا كَثِيرٌ مِنْهُم فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَي الْعُلَمَاءِ؛ لِأن النَّهْيَ إذَا كَانَ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ أبِيحَ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، وَفِعْلُ ذَوَاتِ الْأسْبَابِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، ويفُوتُ إذَا لَمْ يُفْعَلْ فِيهَا، فَتَفُوتُ مَصْلَحَتُهَا، فَأُبِيحَتْ لِمَا فِيهَا مِن الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، بِخِلَافِ مَا لَا سَبَبَ لَهُ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ فَلَا تَفُوتُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ
[١/ ١٦٣ - ١٦٤]
مَصْلَحَة رَاجِحَةٌ، وَفيهِ مَفْسَدَةٌ تُوجِبُ النَّهْيَ عَنْه.
١٩٧ - لَو قَصَدَ الصَّلَاةَ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مِن غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ دُعَاءَهُم وَالدُّعَاءَ عِنْدَهُمْ؛ مِثْل أَنْ يَتَّخِذَ قُبُورَهُم مَسَاجِدَ: لَكَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَلَكَانَ صَاحِبُهُ مُتَعَرضٌ لِغَضَبِ اللهِ وَلَعْنَتِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:"اشْتَدَّ

1 / 144