Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Maison d'édition
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٤١ هـ
Lieu d'édition
السعودية
Genres
لَكنْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ فِي الْأَسْبَابِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ:
أَحَدُهَما: أَنَّ السَّبَبَ الْمُعَيَّنَ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْمَطْلُوب؛ بَل لَا بُدَّ مَعَهُ مِن أَسْبَابٍ أُخَرَ، وَمَعَ هَذَا فَلَهَا مَوَانِعُ، فَإِنْ لَمْ يُكمِلِ اللهُ الْأَسْبَابَ وَيَدْفَع الْمَوَانِعَ: لَمْ يَحْصُل الْمَقصُودُ.
وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَا شَاءَ كَانَ وَإِن لَمْ يَشَأ النَّاسُ، وَمَا شَاءَ النَّاسُ لَا يَكُونُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ.
الثَّانِي: أَنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الشَّئءَ سَبَبٌ إلَّا بِعِلْم، فَمَن أَثْبَتَ شَيْئًا سَبَبًا بِلَا عِلْمٍ أَو يُخَالِفُ الشَّرْعَ كَانَ مُبْطِلًا؛ مِئْل مَن يَظُنُّ أَنَ النَّذْرَ سَبَبٌ فِي دَفْعِ الْبَلَاءِ وَحُصُولِ النَّعْمَاءِ، وَقَد ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (^١) عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ نَهَى عَن النَّذْرِ وَقَالَ: "إنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْر وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِن الْبَخِيلِ".
الثَّالِثُ: أَنَّ الْأَعْمَالَ الدِّينِيَّةَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهَا شَيءٌ سَبَبًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَشْرُوعَةً؛ فَإِنَّ الْعِبَادَاتِ مَبْنَاهَا عَلَى التَّوْقِيفِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُشْرِكَ باللهِ فَيَدْعُوَ غَيْرَهُ، وَإِن ظَنَ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ فِي حُصُولِ بَعْضِ أَغْرَاضِهِ.
وَكَذَلِكَ لَا يَعْبُدُ اللهَ بِالْبِدَعِ الْمُخَالَفَةِ لِلشَّرِيعَةِ وإِن ظَنَّ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ قَد تُعِينُ الإِنْسَانَ عَلَى بَعْضِ مَقَاصِدِهِ إذَا أَشْرَكَ، وَقَد يَحْصُلُ بِالْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ بَعْضُ أَغْرَاضِ الْإِنْسَانِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؛ إذ الْمَفْسَدَةُ الْحَاصِلَةُ بِذَلِكَ أَعْظَمُ مِن الْمَصْلَحَةِ الْحَاصِلَةِ بِهِ. [١/ ١٣٧ - ١٣٨]
* * *
(حكم قول الداعي: اللَّهمَّ إنِّي أَتَوَسَّلُ إلَيْك بالنَّبِيِّ ﷺ وحكم الْحَلِفِ بِهِ)
١٩٠ - أَمَّا قَؤلُ الْقَائِلِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَتَوَسَّلُ إلَيْك بِهِ -أي: بالنَّبِيِّ ﷺ: فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ قَوْلَانِ، كَمَا لَهُم فِي الْحَلِفِ بِهِ قَوْلَانِ، وَجُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ كَمَالِكٍ
(^١) البخاري (٦٦٠٨)، ومسلم (١٦٣٩).
1 / 138