Phases in the Principles of Tafsir
فصول في أصول التفسير
Maison d'édition
دار ابن الجوزي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٢٣هـ
Genres
(١) انظر: «تفسير الطبري» (١/ ٣٦، ٣٧)، قال الطبري: «وَفِي حَثِّ اللهُ ﷿ عِبَادَهُ عَلَى الاِعْتِبَارِ بِمَا فِي آيِ الْقُرْآنِ، مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالتِّبْيَانِ، بِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ﴾ [ص: ٢٩] وَقَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ *قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الزمر: ٢٧، ٢٨] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ، الَّتِي أَمَرَ اللهُ عِبَادَهُ، وَحَثَّهُمْ فِيهَا، عَلَى الاِعْتِبَارِ بِأَمْثَالِ آيِ الْقُرْآنِ، وَالاِتِّعَاظِ بِمَوَاعِظِهِ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةَ [ص:٧٧] تَاوِيلِ مَا لَمْ يَحْجُبْ عَنْهُمْ تَاوِيلَهُ مِنْ آيَاتٍ، لأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لاَ يَفْهَمْ مَا يُقَالُ لَهُ وَلاَ يَعْقِلُ تَاوِيلَهُ: اعْتَبِرْ بِمَا لاَ فَهْمَ لَكَ بِهِ، وَلاَ مَعْرِفَةَ مِنَ الْقِيلِ وَالْبَيَانِ إِلاَّ عَلَى مَعْنَى الامْرِ بِأَنْ يَفْهَمَهُ وَيَفْقَهَهُ، ثُمَّ يَتَدَبَّرَهُ وَيَعْتَبِرَ بِهِ. فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ، فَمُسْتَحِيلٌ أَمْرُهُ بِتَدَبُّرِهِ. وَهُوَ بِمَعْنَاهُ جَاهِلٌ، كَمَا مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ لِبَعْضِ أَصْنَافِ الامَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ كَلاَمَ الْعَرَبِ وَلاَ يَفْهَمُونَهُ. لَوْ أُنْشِدَتْ قَصِيدَةُ شِعْرٍ مِنْ أَشْعَارِ بَعْضِ الْعَرَبِ، ذَاتُ أَمْثَالٍ وَمَوَاعِظَ وَحِكَمٍ: اعْتَبِرْ بِمَا فِيهَا مِنَ الامْثَالِ، وَادَّكَّرْ بِمَا فِيهَا مِنَ الْمَوَاعِظِ إِلاَّ بِمَعْنَى الامْرِ لَهَا بِفَهْمِ كَلاَمِ الْعَرَبِ وَمَعْرِفَتِهِ، ثُمَّ الاِعْتِبَارُ بِمَا نَبَّهَهُ عَلَيْهِ مَا فِيهَا مِنَ الْحِكَمِ، فَأَمَّا وَهِيَ جَاهِلَةٌ بِمَعَانِي مَا فِيهَا مِنَ الْكَلاَمِ وَالْمَنْطِقِ؛ فَمُحَالٌ أَمْرُهَا بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مَعَانِي مَا حَوَتْهُ مِنَ الامْثَالِ وَالْعِبَرِ. بَلْ سَوَاءٌ أَمْرُهَا بِذَلِكَ وَأَمْرُ بَعْضِ الْبَهَائِمِ بِهِ، إِلاَّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمَعَانِي الْمَنْطِقِ وَالْبَيَانِ الَّذِي فِيهَا. فَكَذَلِكَ مَا فِي آيِ كِتَابِ اللهِ، مِنَ الْعِبَرِ وَالْحِكَمِ وَالامْثَالِ وَالْمَوَاعِظِ، لاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: اعْتَبِرْ بِهَا، إِلاَّ =
1 / 27