Pauses with the Prophetic Teachings ﷺ for His Companions
وقفات مع أحاديث تربية النبي ﷺ لصحابته
Maison d'édition
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Numéro d'édition
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ
Genres
للْأَنْصَار والمهاجرة» (١) وتجده ﷺ يحرص على تَوْجِيه أَصْحَابه إِلَى مَا يَنْفَعهُمْ فِي الْآخِرَة ويزهدهم فِي مَتَاع الدُّنْيَا. حدَّث عقبَة بن عَامر ﵁ قَالَ: خرج علينا رَسُول الله ﷺ وَنحن فِي الصُفَّة فَقَالَ: «أَيّكُم يحب أَن يَغْدُو كل يَوْم إِلَى بُطحان أَو إِلَى العقيق فَيَأْتِي مِنْهُ بناقتين كوماوين (٢) فِي غير إِثْم ولاقطيعة رحم؟» فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله. نحب ذَلِك. قَالَ: «أَفلا يَغْدُو أحدكُم إِلَى الْمَسْجِد فَيعلم أَو يقْرَأ آيَتَيْنِ من كتاب الله (خير لَهُ من ناقتين وَثَلَاث خير لَهُ من ثَلَاث وَأَرْبع خيرله من أَربع وَمن أعدادهن من الْإِبِل» . رَوَاهُ مُسلم (٣) فَتَأمل كَيفَ فَضَّل ﷺ قِرَاءَة آيَات من كتاب الله على نَفِيس المَال عِنْدهم، وهاهو يحفز ﷺ أَصْحَابه إِلَى التزود للآخرة والزهد فِي الدُّنْيَا، وَيسْتَعْمل ﷺ للترغيب بِالآخِرَة وربط النُّفُوس بهَا أساليب مقنعة تدفع النُّفُوس للتزود والجدّ وَالْعَمَل لهَذِهِ الْحَيَاة الْبَاقِيَة. عَن عبد الله بن مَسْعُود ﵁ قَالَ: قَالَ النَّبِي ﷺ: «أَيّكُم مَال وَارثه أحب إِلَيْهِ من مَاله؟» قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا منا أحد إِلَى مَاله أحب إِلَيْهِ. قَالَ: «فَإِن مَاله مَا قَدَّم، وَمَال وَارثه مَا أخَّر» رَوَاهُ البُخَارِيّ (٤)
والأمثلة من السّنة النَّبَوِيَّة كَثِيرَة تدل على عناية الرَّسُول ﷺ بربط النُّفُوس بالجزاء الأخروي. وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَة ﵃ لما تربت نُفُوسهم على هَذَا المبدأ يجْعَلُونَ الْآخِرَة هِيَ مقصدهم وغايتهم وَمُرَاد سَعْيهمْ ويحرصون على بذل النَّفس والنفيس للفوز بهَا وَالظفر بنعيمها.
_________
(١) أخرجه البُخَارِيّ ك: الْمَغَازِي ب: غَزْوَة الخَنْدَق.٧ /٣٩٢ وَمُسلم ك: الْجِهَاد ب: غَزْوَة الْأَحْزَاب رقم١٨٠٥.
(٢) الكوماء من الْإِبِل: عَظِيمَة السنام.
(٣) صَحِيح مُسلم ك: صَلَاة الْمُسَافِرين ب: فضل قِرَاءَة الْقُرْآن رقم (٨٠٣) (١/٥٥٢) .
(٤) صَحِيح البُخَارِيّ ك: الرقَاق ب: مَا قدم من مَاله فَهُوَ لَهُ (١١ / ٢٦٠) .
1 / 115