Parsing La Ilaha Illa Allah
إعراب لا إله إلا الله
Maison d'édition
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Numéro d'édition
السنة الحادية والعشرون-العددان الواحد والثمانون والثانى والثمانون-المحرم
Année de publication
جمادى الآخرة ١٤٠٩هـ
Genres
إعراب لا إله إلا الله
تأليف د/ حسن موسى الشاعر أستاذ مشارك بكلية اللغة العربية
مقدمة
لقد صنف علماؤنا القدامى كثيرا من الرسائل في بيان معنى لا إله إلا الله وفي إعرابها. وقد اطلعت في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة على عدد من الرسائل المخطوطة في ذلك، وهي:
- رسالة في إعراب لا إله إلا الله. لابن هشام الأنصاري. المتوفى سنة ٧٦١ هـ.
- رسالة في إعراب لا إله إلا الله. للزركشي المتوفى سنة ٧٩٤هـ.
- رسالة في إعراب لا إله إلا الله. وتسمى التجريد في إعراب كلمة التوحيد لمصنفها علي بن سلطان القاري. المتوفى سنة ١٠١٤هـ.
- إنباه الأنباه على تحقيق إعراب لا إله إلا الله، لمصنفها إبراهيم بن حسن الكوراني، المتوفى سنة ١١٠١هـ.
ولم يطبع من هذه الرسائل- فيما أعلم- سوى رسالة واحدة بعنوان "معنى لا إله إلا الله" للإمام الزركشي.
وهذه رسالة أخرى أقوم بتحقيقها في إعراب لا إله إلا الله، منسوبة إلى ابن هشام الأنصاري، اطلعت عليها في قسم المخطوطات بمكتبة عارف حكمت، فرأيتها تشتمل على فوائد قيّمة وتوجيهات عديدة لم أجدها في غيرها من المصنفات. وهذا ما دعاني إلى الاهتمام بها وتحقيقها، على الرغم من أنها نسخة فريدة.
وقد عانيت كثيرًا في إقامة النص، وتقويم العبارات المضطربة، وشرح الوجوه المختلفة، ونسبة الآراء إلى أصحابها. ولا أدّعي الكمال في ذلك، وحسبي أنني بذلت جهدي.
والله أسأل أن يوفقنا ويسدد خطانا، ويهدينا سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.
1 / 39
إعراب لا إله إلا الله
...
ابن هشام الأنصاري
هو أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري جمال الدين المشهور بابن هشام١.
ولد في القاهرة خامس ذي القعدة سنة ٧٠٨ هـ، وتلقّى على عدد من علماء عصره، حتى فاق أقرانه، وتخرج به جماعة من أهل مصر وغيرهم.
قالت ابن خلدون: "ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه".
وقد ترك ابن هشام عددا من المصنفات ما بين مطبوع ومخطوط ومفقود، ومن أشهر مصنفاته: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، شرح شذور الذهب، شرح قطر الندى، شرح اللمحة البدرية، التذكرة.
وقد توفي ابن هشام ليلة الجمعة خامس ذي القعدة سنة ١ ٦ ٧ هـ. ﵀.
نسبة هذه الرسالة إلى ابن هشام:
اطلعت على هذه الرسالة، منسوبة إلى ابن هشام، في مخطوطة فريدة، بمكتبة عارف حكمت، برقم (٨٨) مجاميع. وقد ورد في هذه المخطوطة نسبتها إلى ابن هشام مرتين، مرة في العنوان، ومرة في مقدمة الرسالة.
ولم أجد أحدا ممن ترجم لابن هشام ذكر له هذه الرسالة، ولم أعثر على نسخة أخرى تؤكد نسبتها إليه.
ولكّن الدكتور علي فودة نيل يؤكد نسبتها إلى ابن هشام للأسباب التالية: (ملخصة):
١- أن ما جاء في مقدمتها من قول المؤلف "أما بعد حمد الله ... " هو المألوف في تقديم معظم مصنفاته.
_________
١ انظر: ترجمته في الدرر الكامنة لابن حجر ٢/ ٤١٥ - ٤١٧، بغية الوعاة للسيوطي ٢/٦٨- ٧٠، والبدر الطالع للشوكاني ١ /٤٠٠ - ٤٠٢، شذرات الذهب لابن العماد ٦/ ١٩١- ١٩٢، الأعلام٤/ ٢٩١، شرح اللمحة البدرية لابن هشام تحقيق د. هادي نهر، ابن هشام الأنصاري / آثاره ومذهبه النحوي د. علي فودة نيل
1 / 40
٢- أن منهج التأليف في هذه الرسالة من العرض الشامل للآراء المختلفة ومناقشتها لبيان الراجح والمرجوح شبيه بمنهج ابن هشام.
٣- أن بعض ما ذكر في هذه الرسالة من آراء مذكور في كتاب المغني.
٤- أن الاعتداد في هذه الرسالة بآراء بعض العلماء السابقين، كابن عمرون، ملحوظ في بعض رسائل أُخر لابن هشام١.
ومما يقوي نسبتها إلى ابن هشام أنها ضمن مجموعة من الرسائل مكتوبة بخط عالم مشهور، هو العلامة محمد بن أحمد بن علي البهوتي الشهير بالخلوتي، وهو فقيه حنبلي مصري توفي سنة ١٠٨٨ هـ٢.
وعلى الرغم من قوة الأسباب التي تنسب هذه الرسالة إلى ابن هشام، فإنّي لست على ثقة من نسبتها إليه، ومما رابني في ذلك أمور، منها:
١- أن هذه الرسالة لم ترد في مصنفات ابن هشام، ولم يذكرها أحد ممّن ترجم له.
٢- أن هذه الرسالة تشير إلى علاقة طيبة بين مصنفها وأبي حيان النحوي الأندلسي المشهور. فقد قال فيها المصنف: "وكنت عرضت هذا النظر على شيخنا أبي حيان، فقال ... ".
ومن المعروف أن ابن هشام لم يكن على وفاق مع أبي حيان، بل كان كثير المخالفة له، شديد الانحراف عنه٣
ومهما يكن من أمر فستبقى هذه الرسالة تذكر لابن هشام حتى يثبت خلاف ذلك بأدّلة قاطعة. والله أعلم.
موضوع الرسالة
هذه رسالة قيّمة تكتسب قيمتها من أهمية الموضوع الذي تعالجه، وهو إعراب الاسم الواقع بعد إلا من كلمة التوحيد، في قولنا: "لا إله إلا الله".
وقد ذكر المصنّف في هذه الرسالة جواز الرفع والنصب في الاسم الواقع بعد "إلا" من كلمة التوحيد، فقال: يجوز الرفع فيما بعد إلا والنصب. والأول أكثر، نص على ذلك جماعة
_________
١ ابن هشام الأنصاري/ آثاره ومذهبه النحوي ٢٩٥.
٢ الأعلام للزركلي ٦/ ١٢.
٣ الدرر الكامن لابن حجر ٢/ ٤١٥.
1 / 41
منهم العلامة ابن عمرون في شرحه على المفصّل. وظاهر كلام ابن عصفور والأبذيَ يقتضي أن النصب على الاستثناء أفصح، أو مساو للرفع على بعض الوجوه ...
وقد فصّل المصنّف كثيرا في بيان أوجه الرفع والنصب، مع المناقشة والاستدلال والترجيح، فذكر للرفع ستة أوجه وللنصب وجهين. وهذا موجز للأوجه المختلفة:
فأما الرفع فمن ستة أوجه، وهي:
١- أن خبر "لا" محذوف، و"إلا الله" بدل من موضع لامع اسمها، أو من موضع اسمها قبل دخولها. وهذا هو الإعراب المشهور لدى المتقدمين وأكثر المتأخرين.
٢- أن خبر لا محذوف، كما سبق، والإبدال من الضمير المستكن فيه. وهذا الإعراب اختاره بعض.
٣- أن الخبر محذوف أيضا، و"إلا الله " صفة لـ "إله" على الموضع، أي موضع لا مع اسمها، أو موضع اسمها قبل دخول "لا".
٤- أن يكون الاستثناء مفزعا، و"إله" اسم "لا" بني معها، و"إلا الله" الخبر. وهذا الإعراب منقول عن الشلوبين، ونقله ابن عمرون عن الزمخشري.
٥- أن "لا إله" في موضع الخبر، و"إلا الله" في موضع المبتدأ. وهذا الإعراب منسوب للزمخشري.
٦- أن تكون "لا" مبنية مع اسمها، و"إلا الله" مرفوع بـ "إله" ارتفاع الاسم بالصفة، واستغني بالمرفوع عن الخبر، كما في مسألة: ما مضروبٌ الزّيدان، وما قائِمٌ العَمْران.
وأما نصب ما بعد "إلا" فمن وجهين:
١- أن يكون على الاستثناء، إذا قدر الخبر محذوفا، أي لا إله في الوجود إلا الله ﷿.
٢- أن يكون الخبر محذوفا، كما سبق، و"إلا الله" صفة لاسم "لا" على اللفظ، أو على الموضع بعد دخول "لا" لأن موضعه النصب.
ثم ختم المصنف الرسالة بقوله: وقد تلخّص في "لا إله إلا الله" عشرة أوجه، غير أن في البدل من الموضع إما من موضع اسم لا قبل الدخول، وإما من لا مع اسمها، فيتقدر سبعة. والنصب من وجهين إلا أن في وجه الصفة إما أنه صفة للفظ اسم لا إجراء لحركة
1 / 42
البناء مجرى حركة الإِعراب، وإما أن يكون صفة لموضعه بعد دخول لا، فيتقدر ثلاثة مع السبعة، فتلك عشرة كاملة. والذي في كلام ابن عصفور من ذلك أربعة أوجه، وهو أكثر من وسع في إلا من الأوجه ...
دراسة للاسم الواقع بعد إلاّ في الشواهد اللغوية بعد الفراغ من تحقيق هذه الرسالة، قمت بدراسة وصفية، تتبعت فيها ما أمكن من الشواهد اللغوية لحالات الاسم الواقع بعد إلا، في نصوص القرآن الكَريم والحديث النبوي والشعر العربي التي جاءت على نمط "لا إله إلا الله"، للمقارنة بين الواقع اللغوي لهذه النصوص، وما ورد في هذه الرسالة من جواز الرفع والنصب، فكانت النتيجة أن رفع الاسم الواقع بعد إلا هو الفصيح الغالب في اللغة، بل لم يرد في القرآن الكَريم والحديث النبوي غيره، وأما النصب فقد ورد في بعض الأبيات الشعرية على قلّة. وقد جاءت الدراسة على النحو التالي: (١) في القرآن الكريم: تتبعت الآيات القرآنية التي وردت فيها "لا إله إلا الله" أو ما كان على وفق هذا الأسلوب، فوجدتها كلها جاءت برفع الاسم الواقع بعد "إلا"، ولم تأت قراءة واحدة، ولو شاذة؟ بالنصب. وهذه هي الآيات مع السور التي وردت فيها في القرآن الكريم: أ- ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّه﴾: الصافات (٣٥)، محمد (١٩) . ب- ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾: البقرة (١٦٣، ٢٥٥)، آل عمران (٢، ٦، ٨ ١)، النساء (٨٧) والأنعام (١٠٢، ١٠٦)، الأعراف (١٥٨)، التوبة (٣١، ١٢٩)، هود (١٤)، الرعد (٣٠)، طه (٨، ٩٨)، المؤمنون (١١٦)، النمل (٢٦)، القصص (٠ ٧، ٨٨)، فاطر (٣)، الزمر (٦)، غافر (٣، ٦٢، ٦٥)، الدخان (٨)، الحشر (٢٢، ٢٣)، التغابن (١٣)، المزمل (٩) . جـ_ ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا﴾: النحل (٢)، طه (١٤)، الأنبياء (٢٥) . د- ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ﴾: الأنبياء (٨٧) . هـ - ﴿فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ﴾: الأنعام (١٧)، يونس (١٠٧) .
دراسة للاسم الواقع بعد إلاّ في الشواهد اللغوية بعد الفراغ من تحقيق هذه الرسالة، قمت بدراسة وصفية، تتبعت فيها ما أمكن من الشواهد اللغوية لحالات الاسم الواقع بعد إلا، في نصوص القرآن الكَريم والحديث النبوي والشعر العربي التي جاءت على نمط "لا إله إلا الله"، للمقارنة بين الواقع اللغوي لهذه النصوص، وما ورد في هذه الرسالة من جواز الرفع والنصب، فكانت النتيجة أن رفع الاسم الواقع بعد إلا هو الفصيح الغالب في اللغة، بل لم يرد في القرآن الكَريم والحديث النبوي غيره، وأما النصب فقد ورد في بعض الأبيات الشعرية على قلّة. وقد جاءت الدراسة على النحو التالي: (١) في القرآن الكريم: تتبعت الآيات القرآنية التي وردت فيها "لا إله إلا الله" أو ما كان على وفق هذا الأسلوب، فوجدتها كلها جاءت برفع الاسم الواقع بعد "إلا"، ولم تأت قراءة واحدة، ولو شاذة؟ بالنصب. وهذه هي الآيات مع السور التي وردت فيها في القرآن الكريم: أ- ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّه﴾: الصافات (٣٥)، محمد (١٩) . ب- ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾: البقرة (١٦٣، ٢٥٥)، آل عمران (٢، ٦، ٨ ١)، النساء (٨٧) والأنعام (١٠٢، ١٠٦)، الأعراف (١٥٨)، التوبة (٣١، ١٢٩)، هود (١٤)، الرعد (٣٠)، طه (٨، ٩٨)، المؤمنون (١١٦)، النمل (٢٦)، القصص (٠ ٧، ٨٨)، فاطر (٣)، الزمر (٦)، غافر (٣، ٦٢، ٦٥)، الدخان (٨)، الحشر (٢٢، ٢٣)، التغابن (١٣)، المزمل (٩) . جـ_ ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا﴾: النحل (٢)، طه (١٤)، الأنبياء (٢٥) . د- ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ﴾: الأنبياء (٨٧) . هـ - ﴿فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ﴾: الأنعام (١٧)، يونس (١٠٧) .
1 / 43
قال أبو جعفر النحاس في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ ١: ويجوز في غير القرآن: لا إله إلا إياه، نصب على الاستثناء٢.
وكرر هذه العبارة بعينها القرطبي عند حديثه عن هذه الآية٣.
وقال الزجاج٤: ولو قيل: لا رجل عندك إلا زيدًا جاز. ولا إله إلا اللهَ جاز. ولكن الأجود ما في القرآن، وهو أجود أيضا في الكلام. قال الله ﷿: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ ٥. فإذا نصبت بعد إلا فإنما نصبت على الاستثناء.
(٢) في الحديث النبوي:
وردت كلمة الشهادة (لا إله إلا الله) في مواضع كثيرة من الحديث، وجاءت كلها بالرفع، ومن ذلك:
أ- في صحيح البخاري، ومعه فتح الباري (١/١٠٣)، (١٢٩) .
ب- في صحيح مسلم بشرح النووي (١/ ١٨٣)، (١٨٨)، (١٩٧)، (٢٠٦) .
جـ- ومن ذلك قوله ﷺ: "لا صلاة بعد الإِقامة إلا المكتوبة".
قال أبو البقاء العكبري٦: الوجه هو الرفع على البدل من موضع لا، والنصب ضعيف، وقد بين ذلك في مسائل النحو، ومثل ذلك: لا إله إلا الله.
د- وقوله ﷺ: "لا شفاءَ إلا شفاؤك".
قال العكبري٧: "شفاؤك" مرفوع بدلا من موضع "لا شفاء" ومثله لا إله إلا الله.
(٣) في الشعر:
أ- قال الشنفري في لا ميّته:
نصبت له وجهي ولا كِنّ دُونَهُ
...
ولا سترَ إلا الأتْحَمِيُّ المُرَعْبَلُ٨
_________
١ البقرة ٢٥٥.
٢ إعراب القرآن للنحاس ١/ ٣٣٠.
٣ الجامع لأحكام القرآن ٣/ ٢٧٠.
٤ معاني القرآن وإعرابه ١/ ٣٣٦.
٥ الصافات ٣٥.
٦ إعراب الحديث النبوي ٢٦٩.
٧ إعراب الحديث النبويَ ٢٧٥.
٨ إعراب لامية الشنفري للعكبرى ٠١٣٩ الكنّ: الستر. الأتحمي: ضرب من البرود. المرعبل: المقطع.
1 / 44
قال الزمخشري١: "كّن" مبنية مع لا لتضمنها معنى من المقدرة بعد لا. ودونه: في موضع رفع، أي لا كنّ استقر دونه، وهو خبر لا ... والأتحمي: بدل من موضع لا واسمها، لأن موضعهما رفع على أنه مبتدأ. وهو مثل قولنا (لا إله إلا الله)، كأنه قال: الله الإله.
وقال أبو البقاء٢: الأتحمي: بدل من موضع لا واسمها. لأن موضعها رفع، ومثله قولنا (لا إله إلا الله) .
ب- وقال الشاعرِ:
مَهامِهًا وخروقاَ لا أَنيسَ بها ... إلاّ الضَّوابِحَ والأصْداءَ والبُوما٣
جـ- وقال آخر:
ولا أَمْرَ لِلْمَعصيِّ إلاّ مُضَيَّعاَ ٤ ... أمرتكمُ أمري بمُنعَرجِ اللّوي
هذان البيتان استشهِد بهما الرضي٥ على أن النصب بعد إلا فيهما قليل، كما في قولك: لا أحد فيها إلا زيداَ.
واستشهد سيبويه بالبيت الثاني منهما على أن "مضيعا" نصب على الحال. قال سيبويه٦ كأنه قال: للمعصي أمرٌ مُضَيَّعاَ. كما جاء: فيها رجلٌ قائمًا. وهذا قول الخليل ﵀. وقد يكون أيضًا على قوله: لا أحد فيها إلا زيدًا.
قال ابن السيرافي٧: يريد أن "مضيَّعا" قد ينتصب أيضا على غير وجه الحال، على أن يكون مستثنى من "أمر" في قوله "ولا أمر"، كما استثني زيد من رجل، في قوله: لا رجل فيها إلا زيدا. وكأنه قال: ولا أثر للمعصي إلا أمرًا مُضيعا، فحذف المنعوت وقام النعت مقامه.
_________
١ أعجب العجب في شرح لامية العرب ص٦ ٦.
٢ إعراب لامية الشنفري ١٤٠- ١٤١.
٣ من أبيات للأسود بن يعفر ذكرها البغدادي في الخزانة ٣/ ٣٨٢
مهامه: جمع مهمه وهو القفر. الضوابح: جمع ضابح وهو الثعلب.
الأصداء. جمع صدى وهو ذكر البوم. الخروق: جمع خرق وهي الفلاة.
٤ من أبيات للكحلبة العرني، الخزانة ٣/ ٣٨٥.
٥ شرح الكافية١/ ٢٣٩.
٦ الكتاب لسيبويه ٢/ ٣٣٨.
٧ شرح أبيات سيبويه٢ /١٥٧.
1 / 45
وقال الأعلم١: ونصف "مضيعا" على وجهين: أجودهما الحال، وحرف الاستثناء قد يدخل بسم الحال وصاحبها ... والوجه الآخر أنه نصب على الاستثناء بعد النفي، والوجه البدل من موضع لا، كما أن الرفع على البدل من موضع لا في (لا إله إلا اللَّهُ) أقوى من النصب بالاستثناء.
_________
١ النكث في التفسير كتاب سيبويه ١/٦٣٩.
نسخة الرسالة الخطية لهذه الرسالة نسخة خطية فريدة تقع في اثنتي عشرة صفحة، ضمن مجموع يضم ١٥ رسالة بمكتبة عارف حكمت برقم ٨٨ مجاميع. وهي الرسالة التاسعة في المجموع، وتقع من ورقة ٢٩- ٣٤. وقد كتبت بخط نسخي عادي، بخط العلامة محمد بن أحمد بن علي البهوتي الحنبلي الشهير بالخلوتي. وفي الصفحة نحو ٢٧ سطرا وفي السطر ١٠ كلمات تقريبا. وقد ورد في آخر الرسالة الأولى ورقة ٣: وعلقه لنفسه أفقر العباد، وأحوجهم إلى عفو ربه العلي محمد بن أحمد البهوتي الحنبلي، في يوم الجمعة المبارك ثاني عشر ذي القعدة من شهور سنة ١٠٣٨ من الهجرة النبوية. والنسخة كاملة واضحة، ولكنها لا تخلو من التحريف والاضطراب والغموض في بعض المواضيع. وقد عملت على خدمة النصر وضبطه وتوثيق محا شيه، والتعليق عليه، ما أمكن، لتوضيح الجوانب الدقيقة لكل مسألة. وبالله التوفيق، والحمد لله أولا وآخرا. بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي قال الشيخ العلامة جمال الدين [عبد الله بن] ٢ يوسف بن هشام الأنصاري، رحمه الله تعالى، ونفعنا بتحقيقاته: أما بعد حمد الله، والصلاة على رسوله محمّد، ﷺ، فهذه رسالة كتبتها في إعراب لا _________ ٢ ساقط من المخطوطة.
نسخة الرسالة الخطية لهذه الرسالة نسخة خطية فريدة تقع في اثنتي عشرة صفحة، ضمن مجموع يضم ١٥ رسالة بمكتبة عارف حكمت برقم ٨٨ مجاميع. وهي الرسالة التاسعة في المجموع، وتقع من ورقة ٢٩- ٣٤. وقد كتبت بخط نسخي عادي، بخط العلامة محمد بن أحمد بن علي البهوتي الحنبلي الشهير بالخلوتي. وفي الصفحة نحو ٢٧ سطرا وفي السطر ١٠ كلمات تقريبا. وقد ورد في آخر الرسالة الأولى ورقة ٣: وعلقه لنفسه أفقر العباد، وأحوجهم إلى عفو ربه العلي محمد بن أحمد البهوتي الحنبلي، في يوم الجمعة المبارك ثاني عشر ذي القعدة من شهور سنة ١٠٣٨ من الهجرة النبوية. والنسخة كاملة واضحة، ولكنها لا تخلو من التحريف والاضطراب والغموض في بعض المواضيع. وقد عملت على خدمة النصر وضبطه وتوثيق محا شيه، والتعليق عليه، ما أمكن، لتوضيح الجوانب الدقيقة لكل مسألة. وبالله التوفيق، والحمد لله أولا وآخرا. بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي قال الشيخ العلامة جمال الدين [عبد الله بن] ٢ يوسف بن هشام الأنصاري، رحمه الله تعالى، ونفعنا بتحقيقاته: أما بعد حمد الله، والصلاة على رسوله محمّد، ﷺ، فهذه رسالة كتبتها في إعراب لا _________ ٢ ساقط من المخطوطة.
1 / 46
إله إلا الله١ سألني في وضعها بعض الأصحاب، فأجبته مستمدًا من الكريم الوهاب.
[جواز الرفع والنصب في الاسم الواقع بعد إلاّ]:
يجوز الرفع فيما بعد إلا، والنصب. والأوّل أكثر٢.
_________
١ "لا" النافية للجنس، تفيد نفي الخبر عن جميع أفراد الجنس الواقع بعدها وتسمى لا التبرئة، لتبرئة المتكلم وتنزيهه الجنس عن الخبر.
وتعمل "لا" عمل إن بشروط، وهي: أن تكون نصا في نفي الجنس، وألا يدخل عليها جار، وأن يكون اسمها نكرة متصلا بها، وأن يكون خبرها نكرة.
وألحقت "لا" بأن في العمل لمشابهتها إياها في التوكيد، فإن "لا" لتوكيد النفي، و"إن" لتوكيد الإثبات.
وإنما يظهر نصب اسمها إن كان مضافا، نحو: لا صاحب برٍ مذمومُ. أو شبيها بالمضاف، نحو: لا طالعًا جبلًا حاضرُ. فإن كان مفردا بني على ما كان ينصب به، لتضمنه معنى "مِن" الاستغراقية كأن قائلا قال: هل من رجل في الدار؟ فقال مجيبه: لا رجل في الدار، والتقدير: لا من رجل في الدار. وقيل إنما بني لتركبه مع لا، وصار كالاسم الواحد مثل خمسة عشر.
وخبر "لا" مرفوع، و"لا" هي الرافعة له عند عدم التركيب، فإن ركبت مع الاسم المفرد فمذهب سيبويه أن الخبر مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخولها، لأن مذهبه أن لا واسمها المفرد في موضع رفع بالابتداء، والاسم المرفوع بعدهما خبر عن ذلك المبتدأ، ولم تعمل لا عنده في هذه الصورة إلا في الاسم.
وذهب الأخفش وجماعة إلى أن الخبر مرفوع بـ"لا" فتكون "لا" عاملة في الجزءين، كما عملت فيهما مع المضاف والمشبه به.
وحذف الخبر في هذا الباب إذا كان لا يجهل يكثر عند الحجازيين ويلتزم عند التميميين. فإن كان يجهل عند حذفه وجب ثبوته عند جميع العرب. فمن حذفه لكونه لا يجهل "لا إله إلا الله".
ومن الواجب الثبوت لعدم العلم به قوله تعالى (لا ريب فيه) . وقول النبي ﷺ (لا أحد أغير من الله) و(لا إله غيركُ) .
(انظر: في مبحث لا النافية للجنس كتب النحو بعامة، ومن ذلك: مغني اللبيب ٢٦٢، أوضح المسالك ٢/٣، شرح ابن عقيل ١/٣٩٣، التصريح على التوضيح للشيخ خالد ٢/٢٣٥، أسرار العربية لابن الأنباري ٢٤٦، شرح الكافية الشافية لابن مالك١/٥٢١، شرح الأشموني والصبان٢/٢،همع الهوامع ٢/١٩٣، شرح جمل الزجاجي لابن عصفور ٢/٢٧١، شرح المفصل لابن يعيش ١/١٠٠ وما بعدها، المقتصد في شرح الإيضاح٨٠٠. الجني الداني ٣٠٠) .
٢ قال المبرد: سألت المازني هل تجيز (لا إله إلا الله)؟ فأجازه على وجهين: على تمام الكلام، لأنه أضمر لنا وللناس، فنصبه بالاستثناء. والوجه الآخر أن تجعل (إلاّ) وصفا، كأنه قال: لا إله غير الله. وأضمر الخبر، وجعل إلا وما بعدها في موضع غير. ورفعه على البدل من موضع إله أحسن، لأنه إيجاب بعد نفي، والخبر أيضا محذوف. (انظر النكت في تفسير كتاب سيبويه ٦٢٥_٦٢٦) .
قال المبرد: سألت المازني هل تجيز (لا إله إلا الله)؟ فأجازه على وجهين: على تمام الكلام، لأنه أضمر لنا وللناس، فنصبه بالاستثناء. والوجه الآخر أن تجعل (إلاّ) وصفا، كأنه قال: لا إله غير الله. وأضمر الخبر، وجعل إلا وما بعدها في موضع غير. ورفعه على البدل من موضع إله أحسن، لأنه إيجاب بعد نفي، والخبر أيضا محذوف. (انظر النكت في تفسير كتاب سيبويه ٦٢٥_٦٢٦) .
وقال الرضي: وأما نحو قولك (لا إله إلا الله) و(لا فتى إلا علي) و(لا سيف إلا ذو الفقار) فالنصب على الاستثناء فيه أضعف منه في نحو: لا أحد فيها إلا زيدا، لأن العامل فيه وهو خبر لا محذوف. (انظر شرح الكافية للرضي ١/٢٣٩) .
وقال شهاب الدين القرافي: قوله تعالى في سورة آل عمران (شهد الله أنه لا إله إلا هو) و(الم. لا إله إلا هو) وحيثما وقع هذا الاستثناء فهو استثناء من منفي فيجري على اللغتين في رفعه ونصبه، والمشهور رفعه ... (انظر الاستغناء في أحكام الاستثناء ٢٩٥) .
وقال أبو حيان في نحو (لا إله إلا الله): ورفع ما بعد إلا على البدل على الموضع أو الصفة على الموضع. ويجوز النصب على الاستثناء. وزعم الجرمي في الفرخ أنه لا يجوز في المرفوع بعد (إلا) إلا الرفع، وقد أجاز سيبويه: لا أحد فيها إلا زيدًا، وكذا في قوله:
ولا أمر للمعصي إلا مضيعا (انظر: ارتشاف الضرب ٢/١٦٧)
وقال السيوطي: إذا وقعت "إلاّ" بعد "لا" جاز في المذكور بعدها الرفع والنصب، نحو: لا سيف إلا ذو الفقار وذا الفقار، ولا إله إلا اللهُ وإلا اللهَ، فالنصب على الاستثناء، ومنعه الجرمي ... (انظر همع الهوامع ٢/٢٠٣) .
1 / 47
نص على ذلك جماعة منهم العلاّمة محمد بن [محمد] بن عمرون١ في شرحه على المفصّل. وظاهر كلام ابن عصفور٢ والأبذي٣ يقتضي أن النصب على الاستثناء أفصح٤، أو مساو للرفع على بعض الوجوه، كما سيأتي تقريره.
[أوجه الرفع]:
فأما الرفع فمن ستة أوجه:
أولها: أن خبر "لا"محذوف، و" إلاّ الله" بدل من موضع لا مع اسمها، أو من موضع اسمها قبل دخولها. وقع للنحويين الحَمْلان.
وهذا الإِعراب مشهور في كلام جماعة من أكابر هذه الصناعة، قيل أطبق عليه
_________
١ في المخطوطة "محمد بن أبي البركات بن عمرون" وابن عمرون هو محمد بن محمد بن أبي علي بن عمرون جمال الدين أبو عبد الله الحلبي النحوي ولد سنة ٥٩٦ هـ تقريبا، وأخذ النحو عن ابن يعيش وغيره، وبرع فيه، وتصدر لإقرائه. وتخرج به جماعة، وجالس بن مالك، وأخذ عنه البهاء بن النحاس، شرح المفصل للزمخشري في النحو، ومات بحلب سنة ٦٤٩هـ.
(انظر: بغية الوعاة ١/ ٢٣١، إشارة التعيين ٣٣٧، البلغة ٢٤٦، معجم المؤلفين ١١/٢٤٧) .
٢ ابن عصفور هو علي بن مؤمن أبو الحسن بن عصفور، حامل لواء العربية في زمانه بالأندلس، من أهل اشبلية، تخرج على الدبّاج والشلوبين، وكان كثير المطالعة. من مصنفاته: المقرب في النحو، الممتع في التصريف، شرح جمل الزجاجي. توفى سنة ٦٦٩هـ. (انظر بغية الوعاة ٢/٢١٠، إشارة التعيين ٢٣٦. البلغة ١٦٩) .
٣ الأبذي: علي بن محمد بن محمد الخشني الأبذي أبو الحسن، من أبّذة بذال معجمة في وسط الأندلس. نشأ باشبيلية، ولازم الشلوبين وأبا الحسن الدّباج سنين، فصار إماما في اللغة والنحو والشعر، وله مشاركة في المنطق والفقه واللغة. من أهل المعرفة بكتاب سيبويه والواقفين على غوامضه، أقرأ بمالقة وغرناطة. من مصنفاته: إملاء على كتاب سيبويه، وعلى الجمل للزجاجي، وعلى الجزولية. توفي سنة ٦٨٠هـ. (انظر إشارة التعيين ٢٣٣، البلغة ١٦٨، بغية الوعاة ٢/١٩٩) .
٤ قال ابن عصفور في المقربْ ١/١٦٨: إن كان الاسم الذي قبلها- أي إلاّ- منصوبا بلا النافية جاز في الاسم الواقع بعدها أربعة أوجه: أفصحها النصب على الاستثناء، أو رفعه بدلا على الموضع، ودونهما النصب على أن يكون إلاّ مع ما بعدها نعتا للاسم الذي قبلها على اللفظ، والرفع على أن تكون مع ما بعدها نعتا له على الموضع.
1 / 48
المعربون من المتقدمين وأكثر المتأخرين١.
قلت: وقد استشكل من قاعدة أن البدل لا بد أن يصحّ إحلاله في محل المبدل منه، وهو على نيِّة تكرار العامل. ولا يصحّ تكرار "لا" لو قلت: إلا عبد الله في قولك: لا أحد فيها إلا عبد الله. لم يجزْ.
وأجاب الشلوبين٢ بأن هذا في معنى، ما فيها من أحدٍ إلاّ عبدُ الله، ويمكنك في هذا الإحلال٣.
قال ابن عصفور، رحمه الله تعالى: وهذا الإشكال لا يتقرر، لأنه لا يلزم أن يحلّ "أحد" الواقع بعد إلاّ، إنما يلزم تقدير العامل في المبدل منه، والعامل في المبدل منه الابتداء،
_________
١قال ابن السيد البطليوسي في قوله تعالى ﴿شهد الله أنه لا إله إلا هو﴾ - آل عمران ١٨_ وقوله "هو" بدل من موضع لا وما عملت فيه، لأن "لا" التبرئة وما تعمل فيه في موضع رفع على الابتداء، وهي في ذلك بمنزلة إنّ وما تعمل فيه. فإن قيل: فما الذي يمنع أن يكون "هو" الموجود في الآية خبر لا التبرئة ولا يحتاج إلى تكلف هذا الإضمار؟.
فالجواب أن ذلك خطأ من ثلاثة أوجه: أحدهما: أنّ "لا" هذه لا تعمل إلاّ في النكرات، فإن جعلت "هو" خبرها أعملتها في المعرفة، وذلك لا يجوز. والثاني: أن ما بعد إلاّ موجب، و"لا" لا تعمل في الموجب، إنما تعمل في المنفي.
والثالث: أنك إن جعلت "هو" خبر التبرئة كنت قد جعلت الاسم نكرة والخبر معرفة، وهذا عكس ما توجبه صناعة النحو، لأن الحكم في العربية إذا اجتمعت معرفة ونكرة أن تكون المعرفة هي الاسم والنكرة هي الخبر. (انظر الأشباه والنظائر للسيوطي ٦/٢٤٣_٢٤٤) نقلا عن المسائل والأجوبة لابن السيد البطليوسي.
وقال السمين في قوله تعالى (لا إله إلا هو) - البقرة ١٦٣: قوله " إلا هو" رفع "هو" على أنه بدل من اسم لا على المحل، إذ محله الرفع على الابتداء، أو هو بدل من "لا" وما عملت فيه لأنها وما بعدها في محل رفع بالابتداء ... (انظر: الدرّ المصون ٢/١٩٧)، (وانظر: شرح المفصل لابن يعيش ٢/٩١ التصريح ١/٣٥١، همع الهوامع ٢/٢٠٣) .
وقال ابن هشام في المغني ٦٣٤: وزعم الأكثرون أن المرتفع بعد "إلاّ " في ذلك كله بدل من محل اسم لا، كما في قولك: ما جاءني من أحد إلا زيدُ. وبشكل أن البدل لا يصلح هنا لحلوله محل الأول، وقد يجاب أنه بدل من الاسم مع لا، فإنهما كالشيء الواحد، ويصلح أن يخلفهما، ولكن يذكر الخبر حينئذ فيقال: الله موجود، وقيل هو بدل من ضمير الخبر المحذوف ...
٢ الأستاذ أبو علي الشلوبين، عمر بن محمد الأزدي، ولد باشبيلية سنة ٥٦٢هـ، برع في النحو حتى صار إمام عصره، وأقرأ نحو ستين سنة، وتخرج على يديه جماعة كثيرة من العلماء كابن عصفور والأبذي وابن الضائع. ومن مصنفاته: التوطئة، شرح الجزولية، تعليق على كتاب سيبويه. توفي سنة ٦٤٥هـ. (انظر: بغية الوعاة ٢/٢٢٤، إنباه الرواة ٢/٣٣٢) .
٣ في قولك: لا أحد فيها إلا زيد، برفع (زيد) مراعاة لمحل لا مع اسمها، أو اسمها قبل دخول الناسخ.... واستشكل بعدم صحة إحلال البدل محل المبدل منه، وأجاب الشلوبيين بأن هذا الكلام على توهم ما فيها أحد إلا زيد، وهذا يمكن فيه الإحلال، بأن يقال ما فيها إلا زيد..... (انظر: حاشية الصبان على الأشموني ٢/١٤٦) .
1 / 49
فإذا أبدلت منه كان
مبتدأ، وخبره محذوف. والتقدير في "لا أحد فيها إلاّ عبد الله: لا فيها [أحدٌ] إلا عبدُ الله١.
وهذا فيه تأمل يظهر بما ذكره النحويون، في مسألة (ما زيدٌ بشيءٍ إلا شيءٌ لا يعبأ به) من أن "إلاّ شيء" بالرفع لا غير على اللغتين٢.
أما عند بني تميم فلأنّ (بشيء) في محل رفع، وتعذّر حمله على اللفظ٣ لأن الباء لا تزاد في الإيجاب.
وأما عند أهل الحجاز فلأنهم وإن أعملوا ما، و"بشيء" في محل نصب عندهم، فإعمالها مشروط بعدم انتقاض النفي. فما بعد "إلا" لا يمكن تقدير عملها فيه، والبدل على نية التكرار، ولذلك قال سيبويه٤: وتستوي اللغتان٥.
وقد زعم ابن خروف٦ أن مراده بالاستواء فيما قبل إلاّ وفيما بعدها من المستثنى والمستثنى منه.
_________
١ قال أبو علي الفارسي: وقد يحمل في هذا الباب البدل على الموضع لاستحالة حمله على اللفظ ... نحو: لا أحد فيها إلاّ عبد الله. حملت عبد الله على موضع لا مع أحد، لأنّ الموضع رفع بالابتداء ...
قال عبد القاهر الجرجاني: تقول: لا أحدَ فيها إلاّ عبدُ الله، فترفع عبد الله إذا أردت البدل حملا على الموضع، لأنّ موضع لا مع ما عملت فيه بالابتداء، فكأنك قلت: لا فيها أحد إلاّ عبد الله ... (انظر: المقصد في شرح الإيضاح ٧٠٤_٧٠٥) .
٢ "ما" النافية غير عاملة عند بني تميم، وأعملها الحجازيون عمل ليس، ومنه قوله تعالى (ما هذا بشرا) . ولأعمالهم إياها شروط، منها ألاّ ينتقض نفي خبرها بإلاّ. (انظر: أوضح المسالك ١/٢٧٤ وما بعدها، شرح الأشموني مع الصبان ١/٢٤٧) .
٣ في المخطوطة " الرفع".
٤ سيبويه هو عمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر إمام النحاة البصريين، نشأ في البصرة وأخذ عن الخليل ويونس والأخفش الأكبر وعيسى بن عمر، وصّنف الكتاب في النحو، توفي بفارس سنة ١٨٠هـ. (انظر بغية الوعاة ٢/٢٢٩_٢٣٠، إنباه الرواة ٢/٣٤٦_٣٦٠، أخبار النحويين البصريين للسيرافي ٦٣) .
٥ قال سيبويه ٢/٣١٦: ومثل ذلك: ما أنت بشيءٍ إلا شيءُ لا يعبأ به، من قبل أن "بشيء" في موضع رفع في لغة بني تميم، فلماّ قبح أن تحمله على الباء صار كأنه بدل من اسم مرفوع. و"بشيء" في لغة أهل الحجاز في موضع منصوب، ولكنك إذا قلت: ما أنت بشيء إلاّ شيء لا يعبأ به، استوت اللغتان، فصارت"ما" على أقيس الوجهين، لأنك إذا قلت: ما أنت بشيء إلا شيء لا يعبأ به، فكأنك قلت: ما أنت إلا شيء لا يعبأ به. (وانظر: الأصول لابن السراج ١/٣٦٣)، ففيه نص كلام سيبويه، وجاء بعد قوله (وصارت ما على أقيس الوجهين) وهي لغة تميم.
٦ ابن خروف هو علي بن محمد بن علي، أبو الحسن بن خروف الأندلسي، من أهل اشبيلية، إمام في النحو واللغة، أخذ النحو عن ابن طاهر وابن ملكون، أقرأ النحو بعدة بلاد، وأقام بحلب مدة. صنَّف شرح كتاب سيبويه، شرح الجمل للزجاجي، مات بحلب وقيل باشبيلية سنة ٦٠٩هـ. (انظر: بغية الوعاة ٢/٢٠٣. إشارة التعيين ٢٢٨. البلغة ١٦٤) .
1 / 50
قال ابن الضائع١: "وغلط الأستاذ أبو علي٢ في النقل عنه، فنقل الاستواء فيما بعد إلاّ، لا فيما بعد المجرور، حتى يرد عليه بأنه لا يجوز بدلا مرفوع من منصوب".
قال ابن الضائع: وعِندي أن القياس أن يبقوا على لغتهم في المجرور، وإلا كان يلزم الرفع في قولنا: ما زيدٌ قائماَ بل قاعدٌ، وكذا في لكنْ. ولم ينقل عن الحجازيين رجوعهم إلى اللغة التميمية في ذلك. وإنما نقل عنهم الرفع فيما بعد بل ولكن على جهة الابتداء. ٣ فهاهنا ينبغي أن يرجع فيما بعد "إلا" على النصب على الاستثناء. فقول سيبويه: استوت اللغتان في الرفع، ينبغي أن يحمل على ما بعد إلاّ. ولا حجة لهم في قول سيبويه: وصارت "ما" على أقيس اللغتين٤، فإنه يمكن حمله على ما بعد إلاّ، كما قالوا في: ما زيد إلا منطلق، رجعوا إلى اللغة التميمية.
ويقوّى أنه يريد ما بعد إلاّ، تقديره وقوله: كأنك قلت: ما زيد إلا شيء لا يعبأ به٥.
وقول الأستاذ "لا يبدل مرفوع من منصوب"، جوابه أن البدل هنا بالحمل على المعنى٦. فإن الشرط في البدل تقدير تكرار العامل، فإن العامل يتكرر على أن البدل مرفوع. ويظهر البدل هنا في أنه لا يعمل فيه اللفظ المتقدم العامل في المبدل منه، بل الابتداء قولهم "لا إله إلا الله"، ألا ترى أنه بدل على تقدير مالنا أو ما في الوجود. ولا يجوز تقدير لا
_________
١ ابن الضائع: علي بن محمد بن علي بن يوسف الكتامي الأشبيلي، أبو الحسن المعروف بابن الضائع. بلغ الغاية في النحو، ولازم الشلوبين، وفاق أصحابه. أملي على إيضاح الفارسي، وله تعليق على الكتاب، وشرح جمل الزجاجي. وسمع عليه أبو حيان. توفي سنة ٦٨٠هـ. (انظر: بغية الوعاة ٢/٢٠٤. البلغة ١٦٨) .
٢ الأستاذ أبو علي الشلوبين، وقد تقدمت ترجمته.
٣ قال الأشموني: ١/٢٥٠: وإنما وجب الرفع لكونه خبر مبتدأ مقدّر، ولا يجوز نصبه عطفا على خبر ما، لأنه موجب وهي لا تعمل في الموجب، تقول: ما زيد قائمًا بل قاعد، وما عمرو شجاعًا لكن كريم، أي بل هو قاعد، ولكن هو كريم ...
٤ أي لغة بني تميم، كما قال ابن السراج في الأصول ١/٣٦٣.
وقال الرضي ١/٢٣٩:.. ولذا لم يعملها بنو تميم، وهو القياس..
وقال الشموني ١/٢٤٧: وأهملها بنو تميم وهو القياس، لعدم اختصاصها بالأسماء.
٥ الكتاب لسيبويه ٢/٣١٦.
٦ قال ابن مالك في التسهيل: ولا يتبع المجرور بمن والباء الزائدتين ولا اسم لا الجنسية إلاّ باعتبار المحل.
قال ابن عقيل في شرح التسهيل:.. وتقول "لا إلهَ إلا اللهُ" ولا رجلَ في الدار إلا رجلُ من بني تميم، برفع المبدل من اسم لا، لأنه في موضع رفع بالابتداء، ولم تنصبه حملا على اللفظ لأنهما موجبان، والأول معرفة، ولا إنما تعمل في منكر منفي. ويجوز النصب على الاستثناء في هذه الصورة وأشباهها.. (انظر: المساعد على تسهيل الفوائد ١/٥٦٢) .
1 / 51
في الوجود إلا الله، لأن "لا" لا تلغى إلا مكررة١. وكذا البدل هنا على تقدير: ما زيد إلا شيء. وكأن "ما" لها عملان، عمل فيما بعد إلا وهو الرفع، وعمل فيما قبلها وهو النصب، فترك الأول على أحد العملين، وحمل الثاني، وهو ما بعد إلا، على العمل الآخر. انتهى٢.
وفي كلامه نظران:
الأول: قوله "ولا يجوز تقدير لا في الوجود إلا الله " ليس معنا في اللفظ إلاّ "لا" واحدة وهي عاملة. نعم إذا أعربناه على ما سبق بدلا نوينا تكرار لا، وانتفى عمل تلك المقدرة بالدخول على المعرفة. ومن أين لزوم التكرار لتلك المقدّرة. ولو قيل إنها تكررت في الجملة كان كافيا في جوابه.
الثاني: جعله باب "لا إله إلا الله " وباب "ما زيدٌ بشيءٍ إلا شيء" سواء. ولقائل أن يقول بينهما فرق، بأن "الله " مرفوع بدلا من منصوب.
وقد يعتذر له عن الثاني بأن "إلا الله "بدل من موضع اسم لا، لا من "لا" مع اسمها٣. بل لا يفتقر إلى ذلك جميعه، فإن العامل المقدر مع البدل هو الابتداء، وهو صالح للعمل في البدل والمبدل منه، كما تقدم في كلام ابن عصفور.
وقد رأيت في المجد المؤثل مما كتبته على المفصّل٤ أن الرفع في "ما زيد بشيء إلا شيء" يحتمل٥ ثلاثة أوجه: إما البدل من جهة المعنى كما سبق، وإما على موضع "بشيء" قبل دخول "ما"، وإما على أن الرفع في الثاني هو الرفع في الأول، لو اتصف الأول بصفته من
_________
١ قال ابن هاشم في باب لا النافية للجنس: وإن كان الاسم معرفة، أو منفصلا منها أهملت، ووجب عند غير المبرد وابن كيسان تكرارها، نحو: لا زيد في الدار ولا عمرو. ونحو: "لا فيها غول.." أوضح المسالك ٢/٥.
٢ أي كلام ابن الضائع.
٣ قال شيخ خالد في التصريح ١/٣٥١: قال ابن مالك في شرح التسهيل: رفعت البدل_ يعني الجلالة_ من اسم لا لأنه في موضع رفع بالابتداء، ولم تحمله على اللفظ فتنصبه، لأن لا الجنسية لا تعمل في معرفة ولا موجب. وتبعه على ذلك أبو حيان والمرادي وناظر الجيش والسمين. وهو مشكل فإنّ اعتبار محل اسم لا على أنه مبتدأ قبل دخول لا قد زال بدخول الناسخ، كما قال الموضح في باب إنّ، واعتبار محل لا مع اسمها على أنهما في محل مبتدأ عند سيبويه لا يتوجه عليه تقدير دخول لا على الجلالة ...
قال الشيخ يس في حاشيته: وبيان عدم توجه تقدير دخول لا على الجلالة، أن الجلالة على هذا التقدير بدل من لا مع اسمها لا من الاسم فقط، فالداخل على الجلالة إنما هو الابتداء الذي هو العامل في محل لا مع اسمها، لأن البدل على نية تكرار العامل.
٤ لم أجد من ذكر "المجد المؤثل"، ولعله حاشية على مفصل الزمخشري.
٥ في المخطوطة "يتخيل".
1 / 52
الإِثبات. وشبهت ذلك بمسألة التنزيل في توريث ذوي الأرحام في الفرائض١، أي إعطاء الذكر ما للأنثى التي أدلى بها٢، وبالعكس، مع مراعاة العدد منه نفسه، فليتأمل.
ثانيها: أن خبر "لا" محذوف، كما سبق، والإبدال من الضمير المستكن فيه. وهذا لا كلفة فيه، واختاره بعض المتأخرين٣.
ثالثها: أن الخبر محذوف كما سبق، و"إلا الله " صفة لإله على الموضع٤، أي موضع لا مع اسمها، أو موضع اسمها قبل دخول "لا".
_________
١ذوو الأرحاء في اصطلاح الفرضيين. كل قريب ليس بذي فرض ولا عصمة، وتتوسط بينه وبين الميت في الغالب أنثى.
واختلف العلماء في توريث ذوي الأرحام على قولين: القول الأول أنهم يرثون، وهو مروى عن جماعة من الصحابة منهم عمر وِ علي، وهو مذهب الحنابلة والحنفية، والوجه الثاني في مذهب الشافعية. القول الثاني: أنهم لا يرثون وبه قال زيد بن ثابت، وهو مذهب المالكية والشافعية، ويجعل مال الميت لبيت المال.
وكيفية توريثهم- عند القائلين به- قولان مشهوران: القول الأول- وهو مذهب الإمام أحمد- أنهم يورثون بالتنزيل، وهو أن ينزل كل واحد من الأرحام منزلة من يدلي به من الورثة فينزلون كل فرع منزلة أصله، ويجعل له نصيبه فمثلا ينزلون أولاد البنات منزلة البنات، وأولاد الأخوات منزلة الأخوات، فلو توفي رجل عن عمة وخالة فالمال بينهما أثلاثا، للعمة ثلثه وللخالة ثلثه، لأن العمة نزلت منزلة الأب والحالة نزلت منزلة الأم.
القول الثاني. وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد، توريثهم كتوريث العصبات بتقديم الأقرب فالأقرب منهم وتسمى طريقة أهل القرابة ٠٠. (انظر أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية- د. جمعة براج. التحقيقات المرضية/ صالح الفوران) .
٢ أدلى بها أي وصل عن طريقها.
٣ قال في التصريح ١/ ٣٥١: والمختار عند أبي حيان أن الجلالة بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف العائد على اسم لا.
وقال الصبان في حاشيته على الأشموني ٢/ ١٧/ ١٤٦: لفظ الجلالة بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، وهو موجود ... (وانظر الاستغناء في أحكام الاستثناء٣٩٥، مغني اللبيب٦٣٤، همع الهوامع ٢/ ٢٠٣) .
وقال أبو حيان وقوله تعالى (لا إله إلا هو) - البقرة ١٦٣: "هو" بدل من اسم لا على الموضع، ولا يجوز أن يكون خبرا. لأن "لا" لا تعمل في المعارف.. وتقرير البدل فيه أيضا مشكل على قولهم أنه بدل من إله لأنه لا يمكن أن يكون على تقدير تكرار العامل ... والذي يظهر لي فيه أنه ليس بدلا من إله ... إنما هو بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف ... فليس بدلا على موضع اسم لا، وإنما هو بدل مرفوع من ضمير مرفوع، ذلك الضمير هو عائد على اسم لا، ولولا تصريح النحويين أنه بدل على الموضع من اسم لا، لتأولنا كلامهم على أنهم يريدون بقولهم بدل من اسم لا أي من الضمير العائد على اسم لا. (انظر: البحر المحيط١ /٤٦٣) .
٤ قال أبو حيان في نحو (لا إله إلا الله) . ورفع ما بعد "إلا" على البدل على الموضع أو الصفة على الموضع.
(ارتشاف الضرب٢/ ١٦٧. وانظر المقرب لابن عصفور ١/١٦٨) .
1 / 53
ولا يستنكرون وقوع "إلا" صفة١، فقد جاء ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ ٢. ويصير المعنى: لا إلهَ غير الله في الوجود. وقد جاء ﴿مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ ٣ بالوصف، لكنّ الخبر المحذوف قدّره بعضهم "في الوجود"، وقدّره بعضهم "كائن"، وبعضهم "لنا".
قيل والتقديران الأولان أولى من حيث كونه أدل على التوحيد المطلق من غير تقييد. ولذلك جاء ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ وأعقب بقوله ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ ٤.
وقد يقال إذا قدِّر "لنا" فالمراد لنا أيها العالَم الذي هو كل موجود سوى الله ﷿، فاتحدت التقادير٥.
وقد ردّ الإمام فخر الدين٦ على من قدر الخبر "في الوجود" لأن هذا النفي عام
_________
١ قال السيوطي. الأصل في "إلا" أن تكَون للاستثناء، وفي "غير" أن تكون وصفا، ثم قد تحمل إحداهما على الأخرى، فيوصف بإلاّ ويستثنى بغير ... والوصف بها وبتاليها، لا بها وحدها، ولا بالتالي وحده، وحكمه كالوصف بالجار والمجرور.
(انظر: همع الهوامع ٣/٢٧٠_٢٧١، وانظر: مغني اللبيب ٧٧٩) .
٢ سورة الأنبياءْ آية:٢٢.
قال ابن هشام في المغني ٧٤: " إلاّ" تكون صفة بمزلة غير فيوصف بها وبتاليها جمع منكر أو شبهه. فمثال جمع المنكر (لو كان فيهما آلهةُ إلا اللهُ لفسدتا) ...
وقال العكبري في التبيان في إعراب القرآن ٢/٩١٤: "إلا الله" الرفع على أنّ " إلا" صفة بمعنى غير.
(وانظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣/٣٨٨. معنى لا إله إلا الله للزركشي ٨٢) .
٣ سورة الأعراف آية: ٥٩ وغيرها.
٤ سورة البقرة آية: ١٦٣.
٥ قال القرطبي ٢/١٩١: "لا إله إلا هو" نفي وإثبات. أولها كفر وآخرها إيمان، ومعناه: لا معبود إلا الله.
وقال الشوكاني في فتح القدير ١/ ٢٧١: في قوله تعالى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) - البقرة ٢٥٥ "لا إله إلا هو" أيَ لا معبود بحق إلا هو.
وقال القرافي ِفي الاستغناء في أحكام الاستثناء٣٩٥ هو مستثني من الضمير المستتر في اسم الفاعل المحذوف، تقديره: لا معبود مستحق للعبادة إلا الله، أو يقال هو مستثني من اسم لا، لأن الإله معناه المعبود فيكون المعنى: لا معبود باستحقاق إلا الله ...
ويقول سماحة الشيخ ابن باز: معنى لا إله إلا الله_ هو أنه لا معبود حق إلا الله، فهي نفي وإثبات، للإلهية عن غير الله، وإثبات لها بحق لله ﷾.. كما قال عر وجل (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل) الحج ٦٢.
ثم يقول سماحته أيضا:.. هذا هو معنى لا إله إلا الله وتفسيرها وحقيقتها تخص العبادة بحق لله وحده، وتنفيها بحق عما سواه. ومعلوم أن عبادة غير الله موجودة، وقد عبدت أصنام وأوثان من دون الله، وعبد فرعون من دون الله، وعبدت الملائكة من دون الله،، وعبدت الرسل من دون الله، وعبد الصالحون من دون الله، كل ذلك قد وقع ولكنه باطل، وهو خلاف الحق، والمعبود بالحق هو الله وحده ﷾. (انظر: مجلة البحوث الإسلامية/ العدد٢٥ لسنة ١٤٠٩ هـ ص ٩١ وما بعدها) .
٦ محمد بن عمر التيمي البكري، أبو عبد الله فخر الدين الرازي، الإمام المفسر الأصولي، ولد في الري وإليها نسبته، من تصانيفه: مفاتيح الغيب في تفسير القرآن، وهو التفسير الكبير، والمحصول في علم الأصول، ومناقب الإمام الشافعي. توفي في هراة سنة ٦٠٦ هـ. (انظر: الأعلامء ٦/٣١٣) .
1 / 54
مستغرق، فتقييده بالوجود مخصص، فلا يبقى النفي على عمومه المراد منه، فلا يكون هذا إقرارا بالوحدانية على الإطلاق١.
قال الأندلسي٢: "لا إله حقيقة إلا من له الخلق والأمر، لابد أن يكون موجودا فينعكس بعكس النقيض فما ليس موجودا ليس بإله. والمراد بقوله "في الوجود" مسمى الوجود الصادق على العيني والذهني، فنفي الإله عن الوجود نفي لحقيقته".
وفي ريّ الظمآن٣: "لا يتصور نفي الماهية عندنا إلا مع الوجود. هذا مذهب أهل السنة، خلافا للمعتزلة فإنهم يثبتون الماهية عارية عن الوجود، والدليل يأبى ذلك".
رابعها: أن يكون الاستثناء مفرغا٤، و"إله " اسم "لا" بني معها، و"إلاّ الله " الخبر٥.
_________
١ قال الرازي: جماعة من النحويين قالوا الكلام فيه حذف وإضمار، والتقدير: لا إله لنا، أو لا إله في الوجود إلا الله.
واعلم أن هذا الكلام غير مطابق للتوحيد الحق، وذلك لأنك لو قلت: التقدير إنه لا إله لنا إلا الله، لكان هذا توحيدًا لإلهنا لا توحيدا للإله المطلق ... ومعلوم أن نفي الماهية أقوى في التوحيد الصرف من نفي الوجود، فكان إجراء الكلام على ظاهره والإعراض عن هذا الإضمار أولى. (انظر: التفسير الكبير للرازي ٣/١٩٦) .
والإمام فخر الدين يقول في تصانيفه في هذا الموضع: لا يجوز أن يكون الخبر قولنا: في الوجود، لأن مفهوم ذلك أن في العدم في مادة الإمكان معبودا باستحقاق، وذلك كفر، بل يكون الخبر قولنا: في نفس الأمر، ولا نقول في الوجود ...
ذكره القرافي في الاستغناء ص ٣٩٥ ثم قال: والذي قاله الإمام فخر الدين متجه، ولا ينبغي أن يخصص الوجود بالنفي بل يعمم في نفس الأمر. وبهذه الطريقة أيضا تعين أن نقول: لا معبود باستحقاق، فإن نفي المعبود مطلقا ليس بصادق، فإن المعبودات واقعة كثيرا من الشجر والحجر والكواكب وغير ذلك، فلا يصدق الأخبار عن النفي إلا إذا قيّد بالاستحقاق، فلا ينبغي أن نهمل هذه الدقائق، فإنها متعينة الاعتبار شرعا وعقلا ولغة.
وقال الزركشي: قول " لا إله إلا الله" قدر فيه الأكثرون خبر "لا" محذوفا، فقدر بعضهم الوجود، وبعضهم "لنا" وبعضهم "بحق". قال: لأن آلهة الباطل موجودة في الوجود كالوثن. والمقصود نفي ما عدا إله الحق، ونازع فيه بعضهم ونفي الحاجة إلى قيد مقدر محتجا بأن نفي الماهية من غير قيد أعم من نفيها بقيد. والتقدير أولى جريا على القاعدة العربية في تقدير الخبر. وعلى هذا فالأحسن تقدير الأخير، لما ذكر، ولتكون الكلمة جامعة لثبوت ما يستحيل نفيه، ونفي ما يستحيل ثبوته.
(انظر: معنى لا إله إلا الله للزركشي ٨٠_٨١) .
٢ الأندلسي: القاسم بن أحمد بن الموفق اللورقي الأندلسي، سماه بعضهم محمدا وكناه أبا القاسم. إمام في العربية عالم بالقراءات، شرح المفصل، كما شرح الجزولية والشاطبية. مات بدمشق سنة ٦٦١هـ.
(انظر: بغية الوعاة ٢/٢٥٠، كشف الظنون ٢/١٧٧٠) .
٣ ريّ الظمآن: كتاب كبير في التفسير يزيد على عشرين جزءا، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل السلمي المرسي، عالم بالأدب والتفسير والحديث والنحو، أصله من مرسية في الأندلس، رحل إلى كثير من البلاد الإسلامية، توفي سنة ٦٥٥هـ. (انظر: الأعلام ٦/٢٣٣، بغية الوعاة ١/١٤٤، معجم المؤلفين ١٠/٢٤٥) .
٤ الاستثناء المفرغ هو الذي يقع في الكلام غير التام_ أي الذي لم يذكر فيه المستثني منه_ غير الموجب_ أي المسبوق بنفي أو شبهه_ فلا عمل لإلاّ، بل يكون الحكم عند وجودها مثله عند فقدها. (انظر: أوضح المسالك ٢/٢٥٣) .
٥ قال ابن هشام في المغني ٦٣٣: وقول بعضهم في "لا إله إلا الله" أن اسم الله ﷾ خبر لا التبرئة، ويردّه أنها لا تعمل إلاّ في نكرة منفية، واسم الله تعالى معرفة موجبة. نعم يصح أن يقال إنه خبر لـ"لا" مع اسمها، فإنهما في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه، وزعم أن المركبة لا تعمل في الخبر، لضعفها بالتركيب عن أن تعمل فيما تباعد منها، وهو الخبر..
1 / 55
وهذا منقول عن الشلوبين فيما علّقه على المفصل، ونقله عن الزمخشري١ في حواشيه ابن عمرون، وإن كان في المفصل قال غيره، وذهب إلى أن الخبر محذوف٢.
ومقتضى كلام ابن خروف، على ما نقله عنه ابن الضائع قول الشاعر:
ألا طعان ألا فُرسانَ عاديةً ... ألا تجشّؤُكم حوَلْ التنَّانير٣
من أنه أعرب (إلاّ تجشؤكم) خبر لا، لكن ردّه عليه بوجهين، أحدهما: أن "لا" لا تعمل في الموجب. الثاني: أنها لا تعمل في الموجب مع المعرفة، وهما لازمان لإعراب "إلاّ الله "خبرا.
وفي الوجهين نظر، لأنّ "لا " عند سيبويه وجمهور البصريين٤ لا عمل لها في الخبر إذا بني الاسم معها. وقولك لا رَجُلَ حاضرٌ، بمثابة: هل مِنْ رجلٍ حاضر؟ الجواب كالسؤال.
واستدل لذلك ابن عصفور في شرحه للإيضاح بجواز حمل جميع التوابع لاسمها على الموضع قبل الخبر.
والقائل إن "لا" ترفع الخبر الأخفش٥ وتابعوه.
وبنى ابن عصفور على الاختلاف جواز: لا رجلَ ولا امرأة قائمان. على القول
_________
١ محمود بن عمر أبو القاسم جار الله الزمخشري، ولد سنة ٤٩٧هـ وجاور بمكة، كان من المعتزلة، وله كثير من التصانيف منها: الكشاف في التفسير، الفائق في غريب الحديث، المفصل في النحو. توفي سنة ٥٣٨هـ. (انظر: بغية الوعاة ٢/٢٧٩) .
٢ قال الزمخشري في المفصل عن خبر لا: ويحذفه الحجازيون كثيرا، فيقولون لا أهل، ولا مال، ولا بأس، ولا فتى إلا علي، ولا سيف إلاّ ذو الفقار، ومنه كلمة الشهادة، ومعناها لا إله في الوجود إلا الله. وبنو تميم لا يثبتونه في كلامهم أصلا.
(انظر: شرح المفصل لابن يعيش ١/١٠٧) .
٣ قائله حسان بن ثابت ﵁، من قصيدة هجا بها بني الحارث بن كعب، جعلهم أهل أكل وشرب لا أهل غارة وحرب. والتجشؤ: خروج نفس من الفم ينشأ من امتلاء المعدة. والتنانير جمع تنور وهو ما يخبز به. (انظر: خزانة الأدب ٤/٦٩) . وذكره سيبويه بعد قوله: وأعلم أن "لا" في الاستفهام تعمل فيما بعدها كما تعمل فيه إذا كانت في الخبر. الكتاب ٢/٣٠٦.
ويروي البيت برفع "تجشؤ" على البدل من موضع اسم لا، ونصبه على الاستثناء المنقطع. (انظر: النكت في تفسير كتاب سيبويه ٦١٣) .
وقيل البيت من قصيدة لخداش بن زهير يخاطب بها بعض بني تميم. (انظر: خزانة الأدب ٤/٧٧، شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي ١/٥٨٨) .
٤ قال المرادي في الجني الداني ٣٠٠: ذكر الشلوبين أنه لا خلاف في أن الخبر مرفوع بـ"لا" عند عدم تركيبها مع اسمها، وأما بني الاسم معها فمذهب سيبويه أن الخبر مرفوع بما كان مرفوعا به قبل التركيب، و"لا" واسمها في موضع رفع بالابتداء. وذهب الأخفش وكثير من النحويين إلى أنها رفعت الخبر مع التركيب كما ترفعه مع عدم التركيب.
(وانظر: أسرار العربية ٢٤٦، الإنصاف مسألة ٥٣، مغني اللبيب ٢٦٣، شرح الأشموني ٢/٦) .
٥ أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش الوسط، سكن البصرة، وقرأ النحو على سيبويه، وكان أحذق أصحابه. دخل بغداد وناظر الكسائي. من مصنفاته: معاني القرآن، الأوسط في النحو، المسائل. (انظر: تاريخ العلماء النحويين للتنوخي ٨٥، بغية الوعاة ١/٥٩٠) .
1 / 56
الأول، وامتناعه علىَ الثاني١. مع أن كلام أبي البقاء٢ في اللباب، وابن يعيش٣ في شرح المفصل ما يوهم أن خلاف سيبويه والأخفش في "لا" مطلقا المبني معها الاسم والمعرب، حيث عللا مذهب سيبويه بضعف عمل لا.
ولكن ابن مالك٤ في التسهيل٥ نقل الاتفاق على عمل "لا" في الخبر إذا كان اسمها معربا، واختار قوله الأخفش فيما إذا بني الاسم معها.
ورتب أبو البقاء على الخلاف أن قوله الشاعر:
_________
١ قال ابن هشام في المغني ٦١٩: ونحو ﴿فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج﴾ إن فتحت الثلاثة فالظرف خبر للجميع عند سيبويه، ولواحد عند غيره، ويقدر للآخرين ظرفان، لأن "لا" المركبة عند غيره عاملة في الخبر، ولا يتوارد عاملان على معمول واحد.
ويفهم من كلام صاحب التصريح أنك إذا قلت "لا رجل ولا امرأة قائمان" فعلى مذهب سيبويه "قائمان" خبر لهما معا، لأنّ مذهبه أن "لا" المفتوح اسمها لا تعمل في الخبر، فهما في موضع رفع، مبتدأ معطوف على مبتدأ، و"قائمان" خبر عنهما جميعا، فيكون الكلام جملة واحدة، نحو: زيد وعمرو قائمان. وعلى مذهب غير سيبويه، كالأخفش القائل بأن "لا" المفتوح اسمها عاملة في الخبر، يقدر لكل منهما خبر ...
وإذا قلت " لا رجل ولا امرأة ... "_ بفتح الأول ورفع الثاني_ فوجهه أن لا الأولى عاملة عمل إنّ، ولا الثانية زائدة، وما بعدها معطوف على محل لا الأولى مع اسمها، فعند سيبويه يكون لهما معا خبر واحد، لأنه خبر مبتدأ وما عطف عليه. وعند غيره لابد لكل واحد من خبر لئلا تجتمع لا والابتداء في رفع الخبر الواحد.. (انظر: التصريح للشيخ خالد ١/٢٤١_٢٤٢) .
وقال الصبان ٢/٦: ويظهر أثر الخلاف بين الأخفش وسيبويه في نحو: لا رجل ولا امرأة قائمان، فعلى قول الأخفش يمتنع لما فيه من أعمال عاملين لا الأولى ولا الثانية في معمول واحد. وعلى قول سيبويه يجوز لأن العامل واحد.
٢ أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري، ولد وتوفي ببغداد، وكان عالما بالنحو واللغة والأدب والفرائض. من مصنفاته: التبيان في إعراب القرآن، إعراب الحديث النبوي، اللباب في علل البناء والإعراب، شرح خطب النباتية. توفي سنة ٦١٦هـ.
(انظر: بغية الوعاة ٢/٣٨) .
٣ يعيش بن علي بن يعيش النحوي الحلبي، ولد سنة ٥٣٥هـ بحلب، وكان من كبار الأئمة العربية، ماهرا في النحو والتصريف، تصدر بحلب للإقراء زمانا. صنف شرح المفصل للزمخشري، شرح تصنيف ابن جني. مات بحلب سنة ٦٤٣هـ. (انظر: بغية الوعاة ٢/٣٥١) .
٤ محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الأندلسي الجياني، نزيل دمشق، ولد سنة ٦٠٠هـ، وكان إماما في القراءات واللغة والنحو والصرف. من مصنفاته: الخلاصة الألفية، التسهيل وشرحه، الكافية الشافية وشرحها، شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ. توفي سنة ٦٧٢هـ. (انظر بغية الوعاة ١/١٣٠) .
٥ قال ابن مالك في التسهيل: ورفع الخبر إن لم يركب الاسم مع "لا" بها عند الجميع، وكذا مع التركيب على الأصح.
وقال ابن عقيل في شرحه: وهذا مذهب الأخفش والمازني والمبرد وجماعة. فإذا قلت: لا رجل قائم، فقائم مرفوع بلا كما في المضاف وشبهه، إذ التركيب لا يقتضي منع العمل، بدليل عملها في الاسم، وذهب قوم إلى أن لا لم تعمل في الخبر شيئا بل في الاسم، وهي والاسم في موضع مبتدأ، والمرفوع خبره، وهو ظاهر قول سيبويه.
(انظر: المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل ١/٣٤١) .
1 / 57
فلا لَغْوٌ ولا تأثيم فيها ... وما فاهوا به أبدًا مُقيم١
لا يحتاج إلى تقدير "فيها" عند سيبويه، بل الثابت "فيها" خبر الاثنين، ويحتاج لتقدير "فيها" أخرى عند سيبويه في أحد قوليه، وعند الأخفش.
وكنت عرضت هذا النظر على شيخنا أبي حيان٢ فقال: كلام ابن الضائع محمول على مذهب من يرى أنها عاملة في الخبر مطلقا. ثم اعترض عليه من وجه آخر، وهو أنه يلزم أن تعمل "لا"٣ في المعرفة. وهذا إن تم به الاعتراض على الأخفش فسيبويه سالم منه، حيث يقول إن "لا" لا عمل لها في الخبر.
على أن ابن عمرون حين نقل هذا الإِعراب عن الزمخشري في الحواشي، ردّه بأن المعرفة لا تكون خبرًا عن النكرة. فيقال له هذا لا يضر سيبويه إذا كان مع النكرة ما يسوغ الإخبار عنها، وهي متقدمة على المعرفة حفظا للأصول، وقد أعرب: كم جربيا أرضك؟ ٤ مبتدأ مقدما وخبرا مؤخرا.
على أن ما ذكره ابن الضائع من أن "لا" لا تعمل في الموجب، قد يقال فيه إن تلك "لا" العاملة عمل ليس، من حيث إنها إنما عملت للشبه بليس من جهة النفي، فإذا زال النفي زال الشبه فزال العمل. أما لا النافية للجنس فعملها إنما هو بالحمل على إن، وهي للإثبات.
_________
١ القائل أمية به أبي الصلت من قصيدة من الوافر يذكر فيها أوصاف الجنة وأهلها وأحوال يوم القيامة. واللغو الباطل. والتأثيم: من أثمته إذا قلت له أتمت. وفاهوا: تلفظوا. والشاهد في قوله "فلا لغو ولا تأثيم " حيث ألغى لا الأولى أو أعملها عمل ليس، فرفع الاسم بعدها، وأعمل لا الثانية عمل إنّ. وعند سيبويه "فيها" خبر لهما، وعند غيره خبر لأحدهما، وخبر الآخر محذوف.
قال الصبان ٢/ ١١. يتعدى خبران عند الجميع إن جعلت الأولى عاملة عمل ليس.. وكذا إن جعلت مهملة عند غير سيويه. وأما عند سيبويه فيجور خبران، وكذا يجور خبر واحد عن مجموع المبتدأين إن كان سيبويه لا يوجب كون لا مع اسمها مبتدأ مستقلا غير معطوف على مبتدأ قبله ... (وانظر الشاهد في أوضح المسالك ٢/ ٢٠، التصريح ١/ ٢٤١، تخليص الشواهد ٤١١) . وقال أبو حيان في الارتشاف ٢/ ١٦٦. على قول الأخفش لا يكون "فيها" إلا خبرا عن أحدهما، وخبر الآخر محذوف. وعلى القول الآخر يصلح أن يكون فيها خبرا عنهما ...
٢ أبو حيان النحوي الأندلسي محمد بن يوسف بن حيان الجياني، أثير الدين، نحوي عصره ولغويه ومفسره ومحدثه ومقرئه ومؤرخه وأديبه. ولد سنة ٦٥٤ هـ في إحدى جهات غرناطة، وتنقل إلى أن أقام بالقاهرة، وتوفي فيها. وله مصنفات قيمة منها: البحر المحيط في التفسير، التذييل والتكميل في شرح التسهيل، ارتشاف الضرب. توفي سنة ٧٤٥ هـ.
(انظر: بغية الوعاة ١/ ٢٨٠، الأعلام٧/ ١٥٢) .
٣ في المخطوطة "إلاّ".
٤ قال سيبويه ٢/ ١٦٠: فإذا قلت. كم جريبا أرضك؟ فأرضك مرتفعة بكم لأنها مبتدأة، والأرض مبنية عليها..
1 / 58