Œdipe et Thésée
أوديب وثيسيوس: من أبطال الأساطير اليونانية
Genres
وكان وهو يتحدث على هذا النحو يتصبب عرقا وتظهر عروق جبهته منتفخة، أو ظهر لي ذلك على الأقل، فلم أكن أستطيع أن أتبينه في الضوء الضئيل، ولكني كنت أسمعه يلهث كمن بذل جهدا عظيما.
ثم سكت لحظة واستأنف قائلا: لست أدري أين يبدأ الإله، وأنا أقل علما بأين ينتهي! بل لعلي أحسن التعبير عما في نفسي إن قلت إن بداءته لا تنتهي. آه! لقد سكرت بإذن وبلئن وبما دام! وبهذا التخليط والاستنتاج.
لن أصل إلى قياس أجمل من الذي وصلت إليه أول الأمر. فإذا كنت قد وضعت فيه الإله فإني واجده، ولا أجده إلا إن وضعته. لقد جبت طرق المنطق كلها في اتجاهها الأفقي حتى تعبت من الأسفار. إني لأزحف، إني لأريد أن أصعد، أن أخلص من ظلي، من مادتي القذرة، أن أتخفف من ثقل ماضي.
إن أفق السماء ليدعوني. يا للشعر! يخيل إلي أن نفسا علويا يجذبني. أي عقل الإنسان: لأصعدن إلى حيث تستطيع أن ترقى. إن أبي الخبير في الرياضة سيهيئ لي الوسيلة إلى ذلك. سأذهب وحدي؛ إن لي من الجراءة ما يمكنني من هذا، سأؤدي الثمن، لا سبيل إلى الخروج من هذا. أيها العقل الرائع الذي طال تخبطه في المشكلات ستندفع في طريق غير معبدة. لست أدري ما هذا السحر الذي يدعوني، ولكني أعلم أن ليست هناك إلا غاية واحدة هي الإله.
ثم تركنا راجعا أدراجه حتى بلغ الأستار فأزالها واستخفى من دونها وردها كما كانت. قال ديدال: يا له من طفل بائس عزيز! لم يكن يدري كيف يفلت من اللابيرنت؛ لأنه لم يكن يعلم أن اللابيرنت إنما هو في نفسه، فصنعت له مستجيبا لدعائه جناحين يتيحان له أن يطير. كان يرى أن لا طريق له إلا السماء بعد أن أخذت عليه طرق الأرض. وكنت أعرف فيه نزعة صوفية؛ فلم تدهشني رغبته. رغبته لم تبلغ غايتها كما رأيت؛ فعلى رغم تحذيري أراد أن يصعد أكثر مما ينبغي! أسرف في تقدير قوته فهوى إلى البحر، وفيه لقي الموت. صحت دهشا: كيف يكون ذلك؟ لقد رأيته الآن حيا!
أجاب: نعم! لقد رأيته الآن وخيل إليك أنه حي، ولكنه قد مات. وهنا أخشى يا ثيسيوس ألا يستطيع عقلك - على أنه يوناني دقيق متقبل للحقائق كلها - ألا يتبعني؛ فأنا نفسي قد احتجت إلى وقت طويل لأفهم ما يأتي وأطئمن إليه. كل واحد منا لا يحيا حياته الخاصة المقسومة له إذا تبين أن ميزانه ثقيل حين توزن النفوس؛ فهو في حياته الإنسانية ينمو ويتم ما كتب له ثم يموت.
ولكن الزمن نفسه لا يوجد بالقياس إلى حياة أخرى؛ وهي الحياة الصحيحة الخالدة التي ترتسم فيها كل حركة بمعناها الدقيق الذي تدل عليه. فقد كان إيكار قبل أن يولد - وهو الآن بعد أن مات - صورة القلق الإنساني والبحث والطموح والشعر، وهو قد تقمص هذا كله أثناء حياته القصيرة.
أدى مهمته كما كان ينبغي أن يؤديها، ولكن أمره لا يقف عنده وحده، كذلك شأن الأبطال جميعا؛ فإن أعمالهم تبقى ثم يتناولها الشعر والفن فتصبح رموزا خالدة ؛ ومن هنا ظل أوريون
1
الصائد يتتبع في حقول البرواق في دار الموتى تلك الوحوش التي قتلها في حياته، على حين صارت صورته نجما في السماء.
Page inconnue