Œdipe et Thésée
أوديب وثيسيوس: من أبطال الأساطير اليونانية
Genres
ولما كنت أعلم أنك تريد أن تنفذ إليه لتصارع فيه المينوتور فقد أردت أن أظهرك على جلية الأمر؛ وما أطلت عليك الحديث إلا لأحذرك؛ فلن تستطيع أن تخرج منه وحدك، بل يجب أن تصحبك أريان؛ ولكنها يجب أن تبقى على عتبة الدار بحيث لا تشم هذا الأرج. فيجب أن تحتفظ بعقلها وصوابها في الوقت الذي تخضع أنت فيه للسكر. ولكن اجتهد في أن تملك أمرك حتى حين يأخذك السكر، هذا هو المهم، وقد لا تعينك إرادتك على ذلك، فقد قلت: إن هذا الدخان يضعفها، فقد خطر لي أن أجمع بينك وبين أريان بخيط يمثل الواجب تمثيلا محسا. هذا الخيط يمكنك بل يضطرك إلى أن تعود إليها بعد أن تكون قد بعدت عنها. واحرص على كل حال على ألا تقطعه مهما يحط بك من الظروف، ومهما تلح عليك المغريات، ومهما تدفعك إليه شجاعتك من مغامرة. عد إليها وإلا ذهب عنك كل شيء، بل ذهب عنك الخير كله. سيكون هذا الخيط وصل ما بينك وبين الماضي؛ فعد إليه، عد إلى نفسك، فلا شيء ينشأ من لا شيء، ولن يعتمد مستقبل أمرك إلا على ماضيك الذي كنت فيه وحاضرك الذي أنت عليه.
وقد كنت خليقا أن أحدثك أقل مما حدثتك لو أني عنيت بك أقل مما أعنى بك في حقيقة الأمر. ولكني أريد قبل أن تستقبل مصيرك أن تسمع لحديث ابني فستحقق حين تسمعه مقدار الخطر الذي أنت مقدم عليه، وإن كان هو قد استطاع بفضلي أن يفلت من فتنة اللابيرنت، ولكن عقله على ذلك قد ظل خاضعا لسحر هذه الفتنة.
ثم اتجه إلى باب منخفض وأزاح ما كان يغطيه من أستار، وقال في صوت رفيع: أي إيكار، أي بني العزيز، أقبل واعرض علينا ما يساورك من القلق، بل امض كما تفعل في أثناء وحدتك في حديثك إلى نفسك دون أن تحفل بي ولا بضيفي. هبنا غير حاضرين.
الفصل الثامن
رأيت فتى يقبل وهو يوشك أن يكون في سني. وقد ظهر في هذا الضوء الضئيل رائع الجمال، وكان شعره الأشقر الطويل يتدلى خصلا على كتفيه، وكان لحظه الثابت يظهر كأنه لا يقف عند الأشياء، وكان عاريا إلى موضع النطاق قد شد حول خصره منطقة ضيقة من المعدن.
وقد ظهر لي أن إزارا واسعا من نسيج أسود ومن جلد يأخذ من أعلى وركيه، وقد جمع طرفاه بعقدة ضخمة. وقد وقفت عيناي على حذاءين من جلد أبيض كانا يشيران إلى أنه يتأهب للخروج، ولكن عقله وحده كان يسعى، ولم يكن يظهر عليه أنه يرانا.
وكان يقول ماضيا فيما كان يدير عقله من حديث: أيهما بدء الوجود: الرجل أم المرأة؟ أيمكن أن يكون الخالد مؤنثا؟ أيتها الصور الكثيرة، أي أم هائلة أخرجتك من أحشائها؟ وأي مبدأ والد ألقاك في هذه الأحشاء؟ يا لها تثنية غير معقولة، وإذن فالإله هو الطفل.
إن عقلي يرفض أن ينقسم الإله؛ فإن قبول الانقسام معناه الصراع، كل ما للإله فهو للحرب. ليست هناك آلهة، وإنما هو إله واحد. إن تسلط الإله هو السلام، كل شيء يأوي ويأتلف في الإله الواحد.
ثم سكت حينا واستأنف قائلا: لأجل أن نحقق الإله يجب على الإنسان أن ينحاز وأن يضيق؛ فليس الإله إلا متفرقا. إن الآلهة منقسمون؛ الإله الواحد لا حد له، الآلهة الكثيرون محليون.
ثم عاد إلى الصمت واستأنف الحديث في صوت قلق، ولكن متقطع: ولكن ما سر هذا كله أيها الإله الواضح؟ ما أصل هذا العناء؟ ما أصل هذا الجهد؟ ونحو ماذا؟ ما علة الوجود؟ وما علة البحث عن علة لكل شيء؟ كيف نتجه؟ وأين نقف؟ متى نستطيع أن نقول لقد انتهى كل شيء آمين؟! كيف الوصول إلى الإله حين نبدأ من الإنسان؟ وإذا بدأت من الإله فكيف أصل إلى نفسي؟ ولكن أليس من الممكن أن يكون الإله من صنع الناس كما أن الناس من صنع الإله؟ في مفترق الطريق هذا، في قلب هذا الصليب يريد عقلي أن يثبت.
Page inconnue