وممّا حدّث به الليث بن سعد، يرفعه إلى ابن شهاب قال: كان المشركون يجادلون المسلمين بمكة فيقولون: الروم أهل كتاب وقد غلبتهم المجوس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبون بالكتاب الذي معكم، الذي أنزل على نبيّكم فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم، فأنزل الله ﷿: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ (١).
وأخبر ابن شهاب قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (٢) بن مسعود قال: لمّا أنزلت هاتان الآيتان باحث (٣) أبو بكر الصّدّيق ﵁ بعض المشركين على شيء قبل أن يحرّم القمار، إنه لم يغلب الروم فارس في سبع سنين.
فقال رسول الله ﷺ: «كل ما دون العشرة بضع».
وكان ظهور فارس على الروم في سبع سنين.
ثم أظهر الله ﷿ الروم على فارس زمان الحديبية، ففرح المسلمون بنصر [أهل] (٤) الكتاب (٥).
وممّا رواه الليث بن سعد، قال: كانت الفرس قد أسّست بناء الحصن الذي يقال له باب اليون (٦)، هو الحصن الذي بفسطاط (مصر) (٧) اليوم.
فلما انكشفت جموع فارس عن الروم، وأخرجتهم الروم من الشام (٨) أتمّت الروم بناء ذلك الحصن وأقامت به، فلم تزل مصر في ملك الروم حتى فتحها الله ﷿ على المسلمين (٩).
يقال: إنّ فارس والروم قريش العجم (١٠)، والله أعلم.
فهذا ما جرى.
_________
(١) سورة الروم، الآيات ١ - ٥.
(٢) في الأصل: «عيينة»، والتصويب من فتوح مصر.
(٣) في فتوح مصر: «ناحب».
(٤) إضافة على الأصل للضرورة.
(٥) فتوح مصر ١/ ٩٨، ٩٩.
(٦) في الأصل: «باب النون»، وفي حسن المحاضرة ١/ ٢٢ «سبيل العيون»، والتصحيح من فتوح مصر.
(٧) كتبت فوق السطر.
(٨) في الأصل: «من والشام».
(٩) فتوح مصر ١/ ٩٩، حسن المحاضرة ١/ ٢٢.
(١٠) في الأصل: «قريش والعجم»، والتصحيح من: فتوح مصر ١/ ٩٩.
1 / 64