أصابها هذه المدة طاعون جارف آخر المائة الثانية عشرة (١٠٧) ونقصت عمّا كانت عليه إلا أن الله جعل البركة فيمن بقي، وفي أهلها اعتقاد في أهل الفضل (١٠٨) والخير، ولا سيّما أموات الصالحين، ولهم لطف بالخطاب وحسن سياسة، وآداب مشهورة، والمسؤول من الله تعالى أن يحميها وجميع بلاد الإسلام من عيون (١٠٩) سوء، وأن يؤمن أوطانها وينصر سلطانها، ويجري الصّالحات على يديه، ويبصّره لمصالح الخلق، ويعينه على نصرة الحق، ويجنّبه أهل الطّغيان والفجور، ويحول بينه وبين كل رذيلة ونقيصة وغرور آمين، امين، امين، ورحم الله من قال آمين، فإن هذا دعاء ينفع البلاد والعباد، ويقمع آثار أهل البغي والفساد) (١١٠).
وتونس (١١١) في وسط جون (داخل من البحر في البر على نحر بحيرة) (١١٢) عرضها أكثر من طولها فطولها ستة أميال وعرضها ثمانية أميال، ولها فم يتصل بالبحر وهو المسمّى فم الراعي (١١٣) وهي لم تكن قبل (وإنما احتفرها سيدنا حسّان بن النعمان الغسّاني، وذلك أنه لما أجلى / الكفّار عن افريقية جعلوا يغيرون على رادس ومن به من المسلمين بالمراكب، وليس عند المسلمين مراكب يلاقون بها العدو، وكان استقراره بالقيروان، فانتقل لرادس يرابط ويحرس المسلمين، وكتب بذلك إلى عبد الملك (بن مروان) (١١٤) وأرسل مع كتابه أربعين رجلا من أشراف العرب يخبرونه بما نال المسلمين من الجهد، فعظم ذلك عليه فبعث عبد الملك إلى أخيه عبد العزيز، وهو أميره على مصر، فأمره أن يوجّه إلى حسّان ألف نبطي وألف قبطي يستعين بهم، فجمّلهم عبد العزيز في البر، (وسار بهم) (١١٥) فلما وصلوا إلى حسّان أثبت كثيرا منهم في رادس، وفرّق كثيرا منهم في مراسي