الشيخ ابراهيم الجعبري (١) كنت في السياحة بجعبر (٢) أو قال بالفرات، وأنا أخاطب روحي [بروحي] (٣) فمر رجل كالبرق وهو يقول: [الطويل]
فلم تهوني ما لم تكن فيّ فانينا ... ولم تفن ما لم تجتلي فيك صورتي
فعلمت أن هذا نفس محب، فوثبت الى الرجل، وتمسكت به، وقلت له: من أين لك هذا النفس؟ فقال: هذا نفس أخي الشيخ شرف الدين ابن الفارض، فقلت وأين هذا الرجل؟ فقال كنت أجد نفسه من جانب الحجاز، وأنا الآن أجد نفسه من جانب مصر، وهو محتضر، وقد أمرت بالتوجه اليه، وأن أحضر انتقاله الى الله تعالى وأصلي عليه وها أنا ذاهب. فلما التفت [الرجل] (٤) الى جانب مصر التفت معه، فشممت أثر الرجل فتبعت أثر الرائحة الى أن دخلت عليه وهو محتضر، فقلت له السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال:
وعليك السلام يا ابراهيم، اجلس وأبشر، فأنت من أولياء الله تعالى، فقلت [له] (٥): يا سيدي هذه البشرى (١٥ أ) جاءتني من الله على لسانك وأريد [أن] (٦) أسمع منك دليلا يطمئن به قلبي، فان اسمي ابراهيم ولي من سر مقام الاسم الابراهيمي نصيب حين (٧) قال: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ (٨) فقال: نعم سألت الله تعالى أن يحضر وفاتي وانتقالي اليه جماعة من الأولياء، وقد أتى بك أوّلهم فأنت منهم. قال (٩) ثم رأيت الجنة وقد تمثلت له، فلمّا نظر إليها قال: آه وصرخ صرخة عظيمة مادا بها صوته، وصرخ صراخا عظيما [وبكى بكاء شديدا] (١٠) وقال: [البسيط]
إن كان منزلتي في الحب عندكم ... ما قد رأيت فقد ضيّعت أيامي
_________
(١) هو إبراهيم بن شداد بن ماجد الجعبري، الشيخ الصالح المشهور بالأحوال والمكاشفات، مولده بجعبر سنة ٥٩٩ هـ / ١٢٠٢ م وتوفي سنة ٦٩٥ هـ / ١٢٩٥ م، راجع طبقات الشافعية الكبرى ٥/ ٤٩.
(٢) جعبر: وتسمى قلعة جعبر وهي على الفرات بين بالس والرّقة قرب صفّين. معجم البلدان ٢/ ٨٤.
(٣) الزيادة من ديوان ابن الفارض ١/ ١٤.
(٤) التكملة من المصدر السابق.
(٥) التكملة من المصدر السابق.
(٦) التكملة من المصدر السابق.
(٧) في الأصل: من، التصويب من المصدر السابق.
(٨) القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية ٢٦٠.
(٩) القول هنا لإبراهيم الجعبري.
(١٠) التكملة من ديوان ابن الفارض ١/ ١٥.
1 / 72