الأوقاف للإنفاق عليها قد انعكست نتائجه إيجابا على الحركة العلمية والأدبية في البلاد، وبرزت ظاهرة للعيان في النواحي التالية:
أولا - إقبال الطلاب على التعليم: وفي هذا المجال ذكر محمد رزق سليم في كتابه عصر سلاطين المماليك ما ملخصه: «أن افتتاح المدارس، وتعيين العلماء فيها للتدريس، والعناية باختيارهم ورصد الأوقاف للانفاق عليها، وإجراء الرواتب على طلابها، وتهيئة المساكن لنومهم وتزويدهم بالطعام والكسوة وما إلى ذلك، كان من شأنه أن يجذب الكثير من الطلاب ويحببهم في الانتظام في سلكها بل والى الانقطاع الى طلب العلم فيها» (١).
ثانيا - كثرة عدد العلماء والأدباء: من أهم نتائج النشاط العلمي أيضا بروز الكثير من العلماء والفقهاء والمجتهدين في شتى ميادين العلم في العصر المملوكي، ويهمنا أن نذكر بعضا من هؤلاء العلماء والأدباء الذين برزوا خاصة في علم التاريخ والأدب والاجتماع وغيره خلال عصر مؤرخنا ابن دقماق من مصريين أو غيرهم ممن كان لهم الأثر الأكبر في النهضة العلمية في مصر وسائر الأقطار الإسلامية، فنذكر منهم: ابن حجر العسقلاني (٧٧٣ - ٨٥٢ هـ)، البدر العيني (٧٦٢ - ٨٥٥ هـ) ابن الفرات (٧٣٥ - ٨٠٧ هـ) والمقريزي (٧٦٩ - ٨٤٥ هـ) وابن خلدون (٧٣٢ - ٨٠٨ هـ) (٢).
ثالثا: إزدهار الحركة التأليفية:
لعل من أبرز نتائج النهضة العلمية في مصر في العصر المملوكي أيضا؛ النشاط التأليفي الذي بلغ عدة آلاف من المجلدات والكتب، كانت ثمرة لهذا النشاط العلمي الذي شجعه حكام المماليك، ويذكر محمد رزق سليم في عصر سلاطين المماليك: أن بعض المؤلفين في ذلك الزمان ألف مئات الكتب والرسائل كالسيوطي، فقد قيل إن مؤلفاته زادت على مائة وخمسين وهكذا. . .
كما يشير الى أن الكثير من هذه المؤلفات قد استولى عليها العثمانيون عندما فتحوا مصر في سنة ٩٢٣ هـ / ١٥١٦ م وأزالوا حكم المماليك عن البلاد (٣).
على أن عددا من هذه البقية الباقية من المؤلفات، التي حفظت من عبث العثمانيين
_________
(١) أنظر، عصر سلاطين المماليك:٣/ ٨٧.
(٢) المصدر السابق، ص ٨٨.
(٣) المصدر السابق، ص ٩١.
1 / 44