رسول الله ﷺ: "إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سداد من عوز"، فأورده بفتح السين، قال: قلت: صدق يا أمير المؤمنين هشيم؛ حدثنا عوف بن أبي جميلة، عن الحسن، عن علي بن أبي طالب ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا تزوج الرجل المرأة لدينه وجمالها كان فيها سِداد من عوز"، قال: وكان المأمون متكئًا فاستوى جالسًا، وقال: يا نضر، كيف قلت: سداد؟ قلت: نعم، لأن السداد هاهنا لحن، قال: أو تلحنني! قلت: إنما لحن هشيم - وكان لحانًا - فتبع أمير المؤمنين لفظه. قال: فما الفرق بينهما؟ قلت: السداد بالفتح: القصد في الدين والسبيل، والسداد بالكسر: البلغة، وكل ما سددت به شيئًا فهو سداد، قال: أو تعرف العرب ذلك؟ قلت: نعم، هذا العرجي يقول:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر
فقال له المأمون: قبح الله تعالى من لا أدب له! وأطرق مليًا ثم قال: ما مالك يا نضر؟ قلت: أريضة لي بمرو أتصابها وأتمزرها؛ أي أشرب صبابتها، قال: أفلا أفيدك مالا [معها]؟ قلت: إني إلى ذلك لمحتاج، ثم قال: فأخذ القرطاس وأنا لا أدري ما يكتب، ثم قال: كيف تقول إذا أمرت من "يترب"؟ قال: أتربه. قال: فهو ماذا؟ قلت: فهو مترب، قال: فمن الطين؟ قلت: طنه، قال: فهو ماذا؟ قلت: مطين، قال: هذا أحسن من الأولى؛ ثم قال: يا غلام أتربه وطنه، ثم صلى بنا العشاء، وقال لخادمه: تبلغ معه إلى الفضل بن
1 / 74