فأقرأ بها الناس.
وكان قد سمع من سليمان بن أرقم وأبي بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة، وأخذ عنه أبو زكرياء يحيى بن زياد الفراء وأبو عبيدة القاسم بن سلاّم وجماعة.
وقال أبو زكرياء يحيى بن زياد الفراء: إنما تعلم الكسائي النحو على الكبر، وكان سبب تعلمه أنه جاء يومًا وقد مشى حتى أعيا، فجلس إلى قومٍ فيهم فضل، وكان يجالسهم كثيرًا، فقال: قد عييت، فقالوا له: تجالسنا وأنت تلحن! فقال: كيف لحنت؟ فقالوا: إن كنت أردت من التعب، فقل: "أعييت"، [وإن كنت أردت من انقطاع الحيلة والتحير في الأمر فقل: "عييت" مخففة]، فأنف من هذه الكلمة وقام من فوره [ذلك] فسأل عمن يعلم النحو، فأرشدوه إلى معاذ الهراء، فلزمه حتى أنفذ ما عنده، ثم خرج إلى البصرة فلقي الخليل بن أحمد، وجلس في حلقته، فقال رجل من الأعراب: تركت أسدًا وتميمًا وعندهما الفصاحة، وجئت إلى البصرة! وقال للخليل بن أحمد: من أين علمُك؟ فقال: من بوادي الحجاز ونجد وتهامة، فخرج الكسائي، وأنفذ خمس عشرة قنينة حبرًا في الكتابة عن العرب سوى ما حفظ. ولم يكن له هم غير البصرة والخليل، فوجد الخليل قد مات وجلس في موضعه يونس بن حبيب البصري النحوي، فجرت بينهما مسائل أقرّ له يونس فيها، وصدره موضعه.
وقال عبد الرحيم بن موسى: قلت للكسائي: لم سميت الكسائي؟ قال: لأني
1 / 59