هي السمُّ ما تنفك في كلّ بلدة ... تسيلُ به أرماحهم وهو ناقع
أصارت لهم أرض العدو قطائعًا ... نفوسٌ لحدّ المرهفات قطائع
بكلّ فتىً ما شاب من هول وقعة ... ولكنّه قد شِبنَ منه الوقائع
إذا ما أغار وأفاحتوا مالَ معشرٍ ... أغارت عليهم فاحتوته الصنائع
فتعطي الذي تعطيهمُ الخيل والقنا ... أكفٌّ لإرث المكرماتِ موانع
وقال يمدح أبا الحسن موسى بن عبد الملك
قِرى دارهم مني الدموعُ السوافكُ ... وإن عاد صبحي بعدهم وهو حالكُ
وإن بكرت في ظعنهم وحدوجهم ... زيانبُ من أحبابنا وعواتك
سقت ربعهم لا بل سقت منتواهم ... منم الأرض أخلاف السحاب الحواشك
والبسهم عصب الربيع ووشيهُ ... ويمنته نبتُ الثرى المتلاحك
إذا غازل تالروض الغزالة نشّرت ... زرابيَّ في اكنافه ودرانكِ
إذا الغيث غادى نسجه خلت أنَّه ... أتت حقيبةٌ حرسٌ له وهو حائك
ألكني إلى حيَّ الاراقم إنّه ... من الطائرِ الأحشاء تُهدي المآلك
كُلو الصبر غضًا واشربوه فأنكم ... أثرتم بعير الظلم والظلمُ بارك
أتاكم سلسل الغاب في صدر سيفه ... سنىً لدجى الإظلام والظلمُ هاتك
إذا سِيلَ سَدُّ العذر من صلب ماله ... وإن همَّ لم تُسدد عليه المسالك
ركوبٌ لإثباج المهالك عالمٌ ... بأن المعالي دونهنَّ المهالك
ألحَّ وما حكمتم وللقدر التقى ... غريمان في الهيجا مُلحٌ وماحك
هو الحارث الناعي بُحيرًا وإن يُدَن ... له فهو إشفاقًا زهيرٌ ومالك
رقاحيَّ حربٍ طالما انقلبت له ... قساطلُ يومِ الورع وهي سبائك
ومستنبطٌ في كلّ يوم من الوغى ... قليبًا رشاءاها القنا والسنابك
مطلٌ على الروح المنيع كأنّه ... لصرف المنايا من النفوس مُشارك
فما تتركُ الايام من هو آخذٌ ... ولا تأخذُ الأيامُ من هو تارك
عفوٌ إذا لم يثلمِ العفو عزمه ... وذو تُدرأٍ بالفاتك الخرقِ فاتك
ربيب ملوك ارضعته ثُديَّها ... وسِمعٌ تربته الرجال الصعاليك
ولو لم يُكفكف خليه عركتكم ... بأثقالها عرك الأديمِ المعارك
ولولا تقاهُ عاد بيضًا مُفلقًا ... بأُدحيّهِ بيضُ الخدودِ التّرائك
ولاصطُفيت شولٌ فظلت شواردًا ... قرومٌ عِشارٌ مالهنَّ مبارك
إذًا للبستم عار دهرٍ كأنما ... لياليه من بين الليالي عوارك
ولا ستُلبت فرشٌ من الأمن تحتكم ... هي المثلُ في لينٍ بها والأرائك
ولكن أبى أن يُستباح بكفهِ ... سنامكم من قومكم وهو تامك
وأن تصبحوا تحت الأظلّ وأنتم ... غواربُ حَيَّي تغلبٍ والحوارك
فتنجذم الأسبابُ وهي مُغامرةٌ ... وتنقطع الأرحامُ وهي شوابك
فلا تكفُرُنَّ الصامتيّ محمدًا ... أيادي شفعًا سيبها متدارك
أهبَّ لكم ريح الصفاء جنائبًا ... رُخاءً وكانت وهي نكبٌ سواهك
فردَّ القنا ظمآنَ عنكم وأغمدت ... على حرّها بيض السيوف البواتك
فآبت على سعد السعود برحله ... عتاق المذاكي والقالصُ الرواتك
غدا وكأنّ اليوم من حسن وجهه ... وقد لاح بين البيض والبيض ضاحك
حياتكَ للدنيا حياةٌ ظليلةٌ ... وفقدكَ للدنيا فناءٌ مُواشِك
متى يأتك المقدارُ لا تُدعَ هالكًا ... ولكن زمانٌ غالَ مِثلك هالك
وقال يمدح المعتصم بالله
فحواك عينٌ على نجواك يا مذلُ ... حتام لا يتقضى قولُك الخَطِلُ
وإنّ أسمج من تشكو إليه هوىً ... من كان أحسن شيء عنده العذلُ
ما أقبلت أوجه اللذات سافرة ... مذ ادبرت باللوى أيامنا الأول
إن شئت أن لا ترى صبرًا لمصطبرٍ ... فانظر على أيِّ حال أصبح الطلل
كأنما جادَ مغناه فغيره ... دموعنا يوم بانوا وهي تنهمل
ولو تراهم وإيانا وموقفنا ... في موقف البينِ لاستهلالنا زَجَلُ
من حرقة أطلقتها عبرةٌ أسرت ... قلبًا ومن غَزل من نحره عذلَ
وقد طوى الشوق في أحشائنا بقرٌ ... عينٌ طوتهنَّ في أحشائها الكلل
1 / 18