الدليل على أن الله تعالى قادر: وجود أفعاله، التي قد صح أنها باختبار، قد ثبت في العقل، وقام في النفس أن الفعل الذي هو كذلك، لا يقع إلا من قادر. كما ثبت أن الفعل المتقن المحكم لا يقع، إلا من عالم. ثم إن الدليل على أن الله لم يزل قادرا، وأنه قادر بنفسه، لا بقدرة هي غيره. هو ما قدمناه في باب العلم.
مسألة:
ويوصف الله تعالى، بأنه مقتدر، كما وصف نفسه. فقال: { في مقعد صدق عند مليك مقتدر } .
والدليل على أنه قادر: إيجاده للأشياء من غير شيء؛ وأمانته لكل حي، دليل على أنه قادر على كل شيء.
مسألة:
فإن قال: أفتزعمون أن الله قادر؟
قيل له: نعم.
فإن قال: أفليس قادر من صفات الذات؟
قيل له: إن القادر هو الموصوف. وليس هو الصفة. وإنما الصفة قولنا: الله تعالى قادر. ولكن وجب هذا الوصف له، لذاته سبحانه، لأن ذاته ذات قادرة. ولم تكن قادرة بقدرة، هي غيره.
فإن قال: أفتزعمون أن غير الله قادر، على الحقيقة؟
قيل له: نعم؛ لأن غير الله لو لم يكن قادرا على الحقيقة لم يجز أن يصير فاعلا بنفسه، لا بقدرة هي غيره ووصفنا غيره، بأنه قادر بقدرة، هي غيره، لولاها لم يكن قادرا. وليسه قادرا بنفسه. هذا فرق ما بين القادرين. وبالله التوفيق.
الباب الرابع عشر والمائتان
في ذكر القاهر والقهار
يقال لله تعالى: قاهر وقهار. ومعنى القاهر: أنه مالك للأشياء، مقتدر عليها وأنها لا تطيق الامتناع، مما يريد إنفاذه فيها.
فإن قال: أفتزعمون أن الله تعالى لم يزل قاهرا، وأن هذا الوصف، وجب لله لذاته؟
قيل له: نعم.
فإن قال: أفتزعمون أن الله تعالى لم يزل قاهرا للأشياء قبل أن يخلقها؟
قيل له: نعم؛ لأنهلم يزل مقتدرا عليها. فاقتداره على ما لم يوجد، هو قهره لذلك. وبالله التوفيق.
الباب الخامس عشر والمائتان
في الوتر
الوتر فيه لغتان: وتر ووتر، بفتح الواو وكسرها.
والوتر بمعنى الفرد. والشفع، بمعنى الزوج.
Page 171