ولقد ترددت أمام كل مقالة فيها شيء من التكرار في الفكرة أو في المثال: أأحذفها أم أبقيها؟ ثم أبقيتها ما دمت قد وجدت فيها طرحًا جديدًا أو عرضًا مفيدًا تمتاز به من المقالات الأخريات. على أني استبعدت ما كان أقرب إلى التكرار الكامل، وقد ضحيت -من أجل ذلك- بالكثير.
* * *
وبعد، فبعد شهرين يُتِمّ جدي سبعَ سنين من رحلته إلى عالَم الآخرة، أسأل الله له الرحمة، وأسأله أن يثيبه بهذا الكتاب نورًا في قبره مثل النور الذي أراد أن ينشره بين الناس، حين لبث من عمره سنين وسنين وهو يحدّثهم حديث «النور والهداية» من رائي المملكة، ويجيب عن «مسائلهم» ويحل «مشكلاتهم» من إذاعتها.
وإني لأحسّ وأنا أقدم هذا الكتاب بالخجل من جدّي ﵀ ومن القرّاء؛ إذ أنظر فأرى ما بقي أمامي مما لم أصنع أكثرَ مما صنعت، والسنواتُ تمضي سِراعًا وأنا أدبّ دبيب السلحفاة، لا أكاد أتم في العام كتابًا أو بعض كتاب. فمتى أنهي الكتب كلها وأضعها بين أيدي الناس؟
فأنا أعتذر من جدّي الذي لم أوفِّه من حقه وفضله عليّ إلا أقل القليل، وأعتذر من القراء الذين صبروا على ضعفي وبطء سَيري، وأعتذر من زوج خالتي، نادر حتاحت، الذي ينشر هذا الكتاب كما نشر سائر كتب الشيخ، فوصل بِرَّه به ميتًا ببِرّه به حيًا حين كان له كما يكون الولد للوالد. أعتذر منه وأحمد له صبره
1 / 7