فَقَالَ لَهُ: رَحِمَكَ اللهُ إِنْ نَابَتْنَا نَائِبَةٌ فَزِعْنَا إِلَى مَنْ أَخْرَجَكَ فِي هَذَا الْوَقْتِ حَتَّى جَاءَ بِكَ إِلَيْنَا.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أصبحنا ذات يوم فقالت أمي لأبي: والله ما في بيتك شيء يأكله ذو كبد. فقام فتوضأ ولبس ثيابه ثم صلّى في بيته، قال: فالتفتت إليّ أمي، فقالت: إن أباك ليس يزيد عَلَى ما ترى، فاخرج أنت. فخرجت، فخطر ببالي صديق لنا تمّار فجئت إِلَى سوقه، فلما رآني صاح بي وذهب بي إِلَى منزله وأطعمني، ثم أخرج لي صرة فيها ثلاثون دينارًا من غير أن أذكر له شيئًا من حالنا إلا ابتداء منه. وقال: اقرأ عَلَى أبيك السلام، وقل له: إنا جعلنا له شركًا في كل شيء من (تجرنا) (*) وهذا نصيبه منه.
وعن شقيق البلخي قال: كنت في بيتي قاعدًا فَقَالَ لي أهلي:
ترى ما بهؤلاء الأطفال من الجوع، ولا يحل لك أن تجمل عليهم ما لا طاقة لهم به؟ قال: فتوضأت، وكان لي صديق لا يزال يقسم عَلَيَّ بالله إن يكن لي حاجة أن أعلمه بها ولا أكتمها عنه فخطر ذكره ببالي، فلما خرجت من المنزل مررت بالمسجد فذكر ما رُوي عن أبي جعفر قال: من عرض له حاجة إِلَى مخلوق فليبدأ فيها بالله ﷿.
فدخلت المسجد وصليت ركعتين، فلما كنت في التشهد أفرغ عَلَيَّ النوم، فرأيت في منامي أنَّه قيل: يا شقيق، أتدل العباد عَلَى الله ثم تنساه! فاستيقظت وعلمت أن ذلك تنبيه نبهني به ربي، فلم أخرج من المسجد حتى صليت العشاء الآخرة ثم انصرفت إِلَى المنزل، فوجدت الَّذِي أردت أن أقصده قد حركه الله وأجرى لأهلي عَلَى يديه ما أغناهم.
وعن إبراهيم بن أدهم أنَّه خرج إِلَى الغزو مع أصحابه، وأنهم تناهدوا فوضع كل واحد منهم دينارًا، ففكر فيمن يقصد من إخوانه ويستقرض منه ثم استفاق فبكى وقال: واسوءتاه أطلب من العبيد، وأترك مولاهم فيقول لي: من
_________
(*) متجرنا: "نسخة".
3 / 129