من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد، فليكثر الدعاء في الرخاء".
وخرج ابن أبي الدُّنْيَا (١) وابن أبي حاتم (٢) وابن جرير (٣) وغيرهم من حديث يزيد الرقاشي عن أنس يرفعه:
«أَنَّ يُونُسَ ﵇ لَمَّا دَعَا فِي بَطْنِ الْحُوتِ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ، هَذَا صَوْتٌ مَعْرُوفٌ مِنْ بِلَادٍ غَرِيبَةٍ فَقَالَ اللَّهُ: أَمَا تَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَبْدِي يُونُسُ قَالُوا: عَبْدُكَ يُونُسُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ مُتَقَبَّلٌ وَدَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: يَا رَبِّ، أَفَلَا تَرْحَمُ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِي الرَّخَاءِ فَتُنْجِيَهِ مِنَ الْبَلَاءِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَأَمَرَ اللَّهُ الْحُوتَ فَطَرَحَهُ بِالْعَرَاءِ».
قال الضحاك بن قيس: اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة، إن يونس ﵇ كان يذكر الله، فلما وقع في بطن الحوت قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الصافات: ١٤٣، ١٤٤].
وإن فرعون كان طاغيًا ناسيًا لذكر الله، فلما أدركه الغرق قال: آمنت، فَقَالَ الله تعالى: ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: ٩١].
وقال رشدين بن سعد: قال رجل لأبي الدرداء أوصني، فَقَالَ: اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء.
وقال سلمان الفارسي: إذا كان الرجل دعّاءً في السراء ونزلت به ضراء فدعا الله ﷿، فقالت الملائكة. صوت معروف ... فشفعوا له، وإذا كان ليس بدعّاءٍ في السراء فنزلت به ضراء، فدعا الله ﷿ قالت
_________
(١) في "الفرج بعد الشدة" (ص ٢٥).
(٢) كما في تفسير ابن كثير (٤/ ٢١).
(٣) في تفسيره (٢٤/ ٦٤) وفي إسناده يزيد الرقاشي وهو متروك.
3 / 117