وخرج بعضهم مع رفقة إِلَى معصية، فلما همَّ بمواقعتها هتف به هاتف: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: ٣٨] فتركها.
ودخل رجل غيضة ذات شجر فَقَالَ: لو خلوت ها هنا بمعصية من كان يراني؟ فسمع صوتًا ملأ ما بين حافتي الغيضة: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤].
وهمَّ رجل بمعصية فخرج إليها فمرَّ في طريقه بقاصٍّ يقص عَلَى الناس، فوقف عَلَى حلقته فسمعه يقول: أيها الهامُّ بالمعصية، أما علمت أن خالق الهمة مطلع عَلَى همَّتك؟ فوقع مغشيًا عليه فما أفاق إلا من توبة.
كان بعض الملوك الصالحين قد تعلق قلبه بمملوك له جميل فخشي عَلَى نفسه؛ فقام ليلة واستغاث الله، فمرض المملوك من ليلته ومات بعد ثلاث.
ومنهم من عُصِمَ بموعظة جرت عَلَى لسان من أراد منه الموافقة عَلَى المعصية، كما جرى لأحد الثلاثة الذين دخلوا الغار وانطبقت عليهم الصخرة، فإنَّه لما جلس من تلك المرأة مجلس الرجل من امرأته، قالت له: يا عبد الله. اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقام عنها (١).
وكذلك الكفل من بني إسرائيل، كان لا يتورع عن معصية، فأعجبته امرأة فأعطاها ستين دينارًا، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ارتعدت، فَقَالَ: أكرهتك؟ قالت: لا، ولكن عمل ما عملته قط، وإنَّما حملني عليه الحاجة.
فَقَالَ: تخافين الله ولا أخافه! ثم قام عنها ووهب لها الدنانير وقال: والله لا يعصي الله الكفلُ أبدًا. ومات من ليلته فأصجع مكتوبًا عَلَى بابه، قد غفر الله للكفل.
خرج الإمام أحمد (٢) والترمذي (٣) حديثه هذا من حديث ابن عمر مرفوعًا.
_________
(١) أخرجه البخاري (٢٢٧٢)، ومسلم (٢٧٤٣).
(٢) (٢/ ٢٣).
(٣) برقم (٢٤٩٦) وقال: "هذا حديث حسن قد رواه شيبان وغير واحد عن الأعمش=
3 / 107