رسول الله ﷺ، ونصب الأدلة على ذلك، وساق ما يدل على التغليط في النهي عن الرواية عن الكذابين والضعفاء، والتساهل في الرواية عن كل ما يسمع فتكلم عن أهمية الإسناد، وعن وجوب جرح الرواة الضعفاء، وأنه ليس من الغيبة المحرمة، بل من الذب عن الشريعة المكرمة، ثم تكلم بإسهاب وتفصيل عن صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن، حتى أثخن في الجواب عمن اشترط ثبوت اللقيا فيه، وكذلك كتابه " التمييز " لا يخل من بعض قضايا مصطلح الحديث بسبب أن مسلمًا مشهور ومعروف بتبسيط العلم مما أداه إلى شرح بعض المصطلحات.
ثم تبعه بالكلام عن بعض قضايا المصطلح أبو داود السجستاني المتوفى سنة (٢٧٥ هـ) في رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه، إذ تكلم عن المراسيل وعن حكمها، وتكلم عن عدد السنن عن النبي ﷺ، وتكلم عن الاحتجاج بالحديث الغريب، وعن حكم الاحتجاج بالحديث الشاذ، وتكلم عن الحديث الصحيح، وعن المنقطع والمدلس، ومثّل لذلك، وتكلم عن صيغ السماع والحديث المعلول. وما ذكرته في كلامه عن هذه الأنواع إنما هي رموز.
ثم تبع هؤلاء في التأليف الإمام محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى سنة (٢٧٩ هـ) تلميذ الإمام البخاري وخريجه في كتابه النفيس " العلل الصغير " (١)، وهذا الكتاب ألفه الترمذي ووضعه في آخر " الجامع الكبير " (٢)، تكلم فيه هذا الإمام الجهبذ الجليل عن قضايا مهمة في مصطلح الحديث، فقد تكلم عن أنواع التحمل، وخص الإجازة بتوسع، وتكلم عن مسألة الرواية باللفظ والرواية
_________
(١) يبدو لي أن وسم هذا الكتاب بالصغير، تعريف وصفي لم يكن من قبل الإمام الترمذي، إنما من قبل من جاء بعده، من أجل التمييز بين هذا الكتاب والعلل الكبير.
(٢) رأى بعضهم أن الترمذي وضعه في آخر "الجامع" ولم يضعه في البداية تأدبًا مع كلام النبي
ﷺ، حتى لا يكون كلامه قبل كلام النبي ﷺ.
1 / 30