وقد كان مجلس أبي زكريا قبلة للعلماء والأدباء، بل لقد كان هو نفسُه معدودا في العلماء والأدباء والشعراء والنبلاء؛ يجالسُهم ويشاركهم، وله شعر؛ فمِنه ما كان سببُه أن الأمير استدعى جماعة من خواصِّه وشعرائه لنزهة في رِياضه المسمى بأبي فِهْر، فنظموا في وصفه قصائدَ رفعوها إلى الأمير، فأجابهم بأبيات تتضمن تفضيل شعر أبي عمرو ابن عربية على شعر جميع من حضرها وفيهم ابن الأبار وغيره، وأبيات أبي زكرياء: [طويل]
ألا إنّ مضمارَ القريض لَمُمْتدُّ ... بِهِ شُعَرَاءُ السبْقِ أربعةٌ لُدُّ
فأما المجلِّي فهْو شاعرُ جَمّة ... أتى أولا والناس كلَهمُ بعدُ
وأما المصلى فهو حبْر قضاعة ... بآدابه تزهو الإمارة والمجد
في أبيات أخر.
وقد أَخَذَ عن الشيخ الفقيه المقرئ أبي عبد الله محمد بن عبد الجبار الرُّعَيْني السّوسي (ت ٦٦٢ هـ)، ختم عليه المستصفى للغزالي وغيره. وتتلمذ أيضا لأبي الحجاج يوسف بن محمد بن إبراهيم الأنصاري البَيَّاسِي (ت ٦٥٣ هـ)، حيث جَمَعَ له أحاديث "المستصفى" واستخرجها من الأمهات ونَبَّهَ على الصحيح منها والسقيم؛ وبرسمه ألّف كتاب "الإعلام بالحروب الواقعة في صدر الإسلام".
1 / 25