ويروى عن ابن عباس وابن مسعود ﵄ أن آدم ﵇، يكون خليفة لله تعالي؛ يحكم بالحق في أرضه، إلا أن الله تعالى أعلم الملائكة أن يكون من ذريته من يسفك الدماء ويفسد الأرض.
ويسأل عن الألف من قوله: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾ [البقرة: ٣٠]؟
وقد اختلف فيها؛ فقال أبو عبيدة والزجاج: هي ألف إيجاب كما قال جرير:
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
هذا إيجاب وليس بلستفهام، وهذا القول غير مرضي، وإنما غلط من قال هذا من قبل أن الله تعالى قال: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠] فلا يجوز أن يشكوا فيما أخبرهم الله تعالى فيستفهموا منه، فلهذا منعوا أن يكون استفهامًا. وليس يوجب الاستفهام الشك في أنه سيجعل، وإنكا يوجب الشك في أن حالهم يكون مع الجعل، وترك الجعل في الاستقامة والصلاح سواء.
وأصل الألف للاستفهام، قال علي بن عيسى قال بعض أهل العلم: هو استفهام، كأنهم قالوا أتجعل فيها من يفسد. وهذا حالنا في التسبيح والتقديس، أم الأمر بخلاف ذلك، فجاء الجواب على طريق التعريض من غير تصريحٍ في قوله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٣٠]، قال: وهذا الاختيار؛ لأن أصل الألف للاستفهام، فلا يعدل بها عنه إلا أن لا يصح التأويل عليه. سمعت أبا محمد مكي بن أبي طالب - بعض شيوخنا - يقول: الاستفهام فيه معنى الإنكار، ولا يجب أن تحمل الألف عليه، وكان
1 / 130