وروي عن الربيع بن أنس: أن استوى بمعنى ارتفع على جهة علو ملك وسلطان، لا علو انتقال وزوال، وفي هذا بعد؛ لأن الله تعالى لم يزل عاليًا على كل شيء بمعنى الاقتدار عليه، وأكثر أهل العلم على أن المعنى عمد وقصد.
فصل:
ومما يسأل عنه أن يقال: لم جاء: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ) على لفظ الجمع؟
وفي هذا جوابان:
أحدهما: أن معنى السماء معنى الجمع وإن كان مخرجها مخرج الواحد؛ لأنها على طريقة الجنس كما يقال: أهلك الناس الدينار والدرهم.
والجواب الثاني: أن السماء جمع، واحدها (سماوة) و(سماءة) وذكر قطرب ما لفظه لفظ الواحد ومعناه معنى الجمع فقال منه: (وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم: ٤] وقوله:
(فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) [الشعراء: ٧٧] وقوله: (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الشعراء: ١٦]، قال الشاعر:
ألا إن جيراني العشية رائح دعتهم دواع من هوى ومنادح
وإذا كانت سماء جمع سماوة، وسماءة كانت بمزلة حمام وحمامة دجاج ودجاجة.
فصل:
ومما يسأل عنه: كيف اتصل قوله تعالى: (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) بقوله: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ)؟
1 / 123