البعوضة تحيا ما جاعت فإذا شبعت وسمنت ماتت، فكذلك القوم الذين ضرب الله لهم هذا المثل في القرآن إذا امتلأوا من الدنيا أخذهم الله عند ذلك ثم تلا: (حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) [الأنعام: ٤٤]
والقول الثاني: يروى عن الحسن وقتادة وغيرهما من أهل العلم أنه لما ضرب الله المثل بالذباب والعنكبوت تكلم قوم من المشركين في ذلك وعابوا ذكره، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الاختيار التأويل الأول من قبل أنه متصل بذكر المثلين اللذين ضربهما الله للمنافقين في سورة البقرة، فكان لذلك أولى من أن يكون جوابًا لما ذكر في سورة غيرها، إذ كان ذكر الذباب في سورة الحج وذكر العنكبوت في سورة العنكبوت، والأظهر في هذا أن يكون جوابًا لما قيل في الذباب والعنكبوت لما فيهما من الاحتقار والضالة، فأخبر الله تعالى أنه لا عيب في ذلك.
فصل:
للعرب في يستحي لغتان: منهم من يقول: (يستحي) بياء واحدة، وبذلك قرأ ابن كثير في رواية شبل، ومنهم من يقول: (يستحي) بياءين، وبه قرأ الباقون، فوجه هذه القراءة: أنه الأصل. وجه القراءة الأخرى: أنه حذف استثقالًا لاجتماع الياءين، كما قالوا: لم أك، ولم أدر وما أشبه ذلك، والاختيار في القراءة إثبات الياءين، لأنه إذا اعتل لام
1 / 118