وأما التحدي للكافة فهو أظهر في أنهم لا يجوز أن يتركوا المعارضة مع توفر الدواعي إلا للعجز عنها.
وأما الصرفة فهي صرف الهمم عن المعارضة، وعلى ذلك كان يعتمد بعض أهل العلم في أن القرآن معجز من جهة صرف الهمم عن المعارضة؛ وذلك خارج عن العادة كخروج سائر المعجزات التي دلت على النبوة، وهذا عندنا أحد وجوه الإعجاز التي يظهر منها للعقول.
وأما الأخبار الصادقة عن الأمور المستقبلة فإنه لما كان لا يجوز أن تقع على الاتفاق دل على أنها من عند علام الغيوب، فمن ذلك قوله ﷿: ﴿وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين﴾ فكان الأمر كما وعد من الظفر بإحدى الطائفتين: العير التي كان فيها أبو سفيان، أو الجيش الذين خرجوا يحملونها من قريش، فأظفرهم الله ﷿ بقريش يوم بدر على ما تقدم به الوعد. ومنه قوله تعالى: ﴿الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون﴾. ومنه: ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾ ومنه: ﴿فتمنوا الموت إن كنتم صادقين، ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم﴾. ومنه: ﴿فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين، فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا﴾، ومنه: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر﴾، ومنه: ﴿لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن
1 / 110