وقال الحافظ الذهبي أيضًا: "كان محافظًا على الصلاة والصوم، معظمًا للشرائع ظاهرًا وباطنًا، لا يؤتى من سوء فهم؛ فإنّ له الذكاء المفرط، ولا من قلة علم؛ فإنه بحر زخار، ولا كان متلاعبًا بالدين، ولا ينفرد بمسائله بالتشهي، ولا يطلق لسانه بما اتفق، بل يحتج بالقرآن والحديث والقياس، ويبرهن، ويناظر أسوة بمن تقدمه من الأئمة، فله أجرٌ على أخطائه، وأجران على إصابته. لم أرَ مثله في ابتهاله واستغاثته، وكثرة توجهه ... وإنه بحر لا ساحل له، وكنز لا نظير له، ولكن ينقمون عليه أخلاقًا وأفعالًا، وكل أحدٍ يُؤخذ من قوله ويترك.."١.
وقال أيضًا: "وهو ثابت لا يداهن ولا يحابي، بل يقول الحق المر الذي أدّاه إليه اجتهاده، وحدّة ذهنه، وسعة دائرته في السنن والأقوال. مع ما اشتهر عنه من الورع، وكمال الفكرة، وسرعة الإدراك، والخوف من الله، والتعظيم لحرمات الله ... فجرى بينه وبينهم حملات حربية، ووقائع شامية ومصرية، وكم من نوبة قد رموه عن قوس واحد، فيُنجّيه الله، فإنه دائم الابتهال لله، كثير الاستغاثة، قوي التوكّل، ثابت الجأش، له أوراد وأذكار يدعو منها بكيفية وجَعِيَّة"٢.
وقد كان ﵀ صبورًا على مُرّ الكلام، عدلًا في المخاطبة.. يقول عن نفسه: "فإنّ الناس يعلمون أنّي من أطول الناس روحًا وصبرًا على مرّ الكلام، وأعظم الناس عدلًا في المخاطبة لأقلّ الناس، دع لولاة الأمر"٣.
_________
١ نقلًا عن أوراق مجموعة من حياة شيخ الإسلام ص ٢٦-٢٧.
٢ العقود الدرية ص ١١٨.
٣ مجموع الفتاوى ٣/٢٥١.
1 / 52