وقال سيف الدين الآمدي - وهو من كبار علمائهم أيضًا: "وليست النبوة هي معنى يعود إلى ذات من ذاتيات النبيّ، ولا إلى عرض من أعراضه استحقها بكسبه وعلمه.."١.
فليست النبوة إذًا عند الأشاعرة صفة ثبوتيّة، كما نصّ على ذلك شيخ الإسلام ﵀، وكما تقدّم من كلام بعض أئمتهم.
وهم - أعني: الأشاعرة لم يُميّزوا بين معجزات الأنبياء وكرامات أتباعهم، وبين خوارق السحرة والكهان.
قال شيخ الإسلام ﵀ عنهم: "وقالوا: وخوارق الأنبياء يظهر مثلها على يد الساحر والكاهن والصالح، ولا يدلّ على النبوة، لأنه لم يدّعيها. قالوا: ولو ادّعى النبوة أحدٌ من أهل الخوارق مع كذبه، لم يكن بُدّ من أنّ الله يعجزه عنها، فلا يخلقها على يده، أو يقيّض له من يُعارضه فتبطل حجّته"٢.
وقال ﵀: "ولهذا يقيم أكابر فضلائهم مدة يطلبون الفرق بين المعجزات والسحر، فلا يجدون فرقًا؛ إذ لا فرق عندهم في نفس الأمر. والتحقيق: أن آيات الأنبياء مستلزمة للنبوة، ولصدق الخبر بالنبوة، فلا يوجد إلا مع الشهادة للرسول بأنه رسول، لا يوجد مع التكذيب بذلك"٣.
مع أنّ التمييز بين ما للأنبياء وأتباعهم، وبين ما للسحرة والكهان ومن على شاكلتهم، من أشرف العلوم.
إلا أنّهم لم يُوفّقوا في هذا الباب.
_________
١ غاية المرام في علم الكلام للآمدي ص ٣١٧.
٢ النبوات ص ٥٨٨. وانظر المصدر نفسه ٧٣١-٧٣٥، ٩٤٦-٩٥١، ١١٤٦-١١٥٢.
٣ النبوات ص ٩٥٦-٩٥٩. وانظر: منهاج السنة النبوية ٥/٤٣٦-٤٣٩. وشرح الأصفهانية ٢/٥٤٣. وكتاب الصفدية ١/٢٢٥-٢٢٩.
1 / 32