Nubdha Tarikhiyya
نبذة تاريخية في الحرف الدمشقية
Genres
من يحفظه يحفظه رب السماء، ومن أضاعه ينكتب من المبعدين
وأختم نظامي بمدح أحمد المختار إمام العالمين
آمين، الفاتحة.
أما ربط المحزم - وهذا يكون إما من المحازم الاعتيادية أو من الشالات - فهو حق النقيب، فيرفع يدي الطالب من على صدره إلى قمة رأسه جاعلا بطن كفه اليمنى يعلو ظهر كفه اليسرى وأصابعه ملتصقات - سألت لماذا لا تكون الأصابع العشر مشتبكات بعضهن ببعض؟ فقيل لي: إن ذلك لا يوافق لئلا تتعربس الأمور على المشدود، فالتسريح أولى - ثم يفرد النقيب المحزم، ويلف المشدود به من وسطه إلى قرب قدميه، ويعقد طرفيه الأعليين من الخلف إلى الأمام ثلاث عقد؛ الواحدة احتراما لشيخ الحرفة والثانية لمعلم المشدود والثالثة للشاويش. وتفسير ذلك أن الشيخ له وحده القدرة أن يحل الأولى من الثلاث عقد؛ لأنه رئيس الحرفة؛ كي يعلم المشدود ما له وعليه من واجبات الخضوع. وأما الثانية فيحلها المعلم ليفتخر أنه أخرج تلميذا ماهرا أو كما يقولون سراقا «جراق» من تحت يده، ويحل الشاويش الثالثة؛ لأنه أحد السلطات الثلاث التي على المشدود أن يخضع لها في كاره.
إن التفسير المار ذكره تلقنته من شاويشية بعض الحرف، إنما لا أظنه صحيحا؛ لأن النقيب أخبرني أنه في شد بعض الحرف يجعل العقد ثلاثا، وفي بعضها خمسا، وفي بعضها سبعا، ويراعى بذلك شدة تمسك أهل تلك الحرفة بحفظ العهود والأمانة أو عدمه.
وتدل هذه العقد على عقد العهد والميثاق بالإخاء، فيعتبر حينئذ أهل حرفة المشدود كأخ لهم، لا بل يفضلونه في بعض الظروف على الأخ الطبيعي. وربما من ذلك أطلق القول بعقد العهد؛ أي تعهد بحفظه.
وقد لاحظت أن أكثر المحترفين من الأوروبيين يربطون مئزرهم من الأمام إلى الخلف؛ أي إنهم يجعلون عقد المئزر وراء ظهورهم بعكس محترفي بلادنا السورية الذين في وقت الشد وغيره، لا يربطون المحزم إلا من الخلف إلى الأمام ربما تذكارا بوقت شدهم.
وبعد أن يتم النقيب النشائد والفواتح يعين أبا بالكار للمشدود أحد الحاضرين من المعلمين، وعلى الغالب يكون معلم ذاك المشدود أبا له بالكار، ويجوز أن يتخذ خلافه؛ لأنه لما كان يعد الأب بالكار بمنزلة كفيل فهو مطالب بما يقع من المشدود من الخلل، فإذا كان المشدود غير ممدوح السيرة يتمنع معلمه من قبوله ابنا له - وهذا نادر الحدوث - فيعين حينئذ خلافه. ثم يأخذ شيخ الحرفة بأن يقدم للمشدود النصائح الآتية: «يا بني إن جميع الحرف هي كارات أمانة على الأموال والأعراض والأرواح. والأمانة هي الدين، فإذا نفق كارك احفظ دينك. كن صادقا وأمينا واعلم أن كارك مثل عرضك، حافظ عليه بمقدرتك. وإذا استلمت أموال الناس فلا تفرط بها. وإياك أن تخون أهل الحرفة، والخائن قبيله الديان ... إلخ»، ثم يلتفت إلى الحاضرين ويسألهم قائلا: «ما قالت الإخوان إخوان وصنايعية،
10
ومعلمين، هل هذا المشدود يستحق مصانعة؟»، فيجيبونه «نعم، مستأهل ومستحق.»
Page inconnue