Notes on the Book of the Beliefs of the Predecessors and Successors
ملاحظات حول كتاب عقيدة السلف والخلف
Maison d'édition
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Numéro d'édition
السنة الرابعة عشرة العدد الثالث والخمسون ١٤٠٢هـ/١٩٨١م
Genres
وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (الْمَائِدَة: ١٥-١٦) . هَذَا الْمَعْنى الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْقُرْآن الْكَرِيم فِي هَاتين الْآيَتَيْنِ الكريمتين تركز فِي قُلُوب هَؤُلَاءِ الَّذين مجدهم الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْكَرِيم وَعظم شَأْنهمْ وَذَلِكَ فِي قَوْله الْحَكِيم فِي سُورَة الْفَتْح: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ (الْفَتْح: ٢٩)
مَا أعظم هَذِه التَّزْكِيَة فِي صُورَة رائعة مثالية من رب الْعِزَّة والجلال فِي حق هَؤُلَاءِ النخبة المختارة الَّذين فَهموا هَذِه الشَّرِيعَة الإسلامية الغراء عقيدة وَعبادَة ومعاملة، وسلوكا، وأدبا، ونظاما وَغَيرهَا من الْمعَانِي. السامية.
ثمَّ تَأتي زمرة فاسقة من الْيَهُود وَالنَّصَارَى لكَي تشوه هَذِه الْحَقِيقَة الناصعة الْبَيْضَاء الَّتِي يَقُول عَنْهَا ﵊ فِي حَدِيثه الْمُبَارك الَّذِي أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن مَاجَه فِي سنَنه وَذَلِكَ بِإِسْنَاد حسن. قَالَ الإِمَام أَحْمد١ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي ثَنَا مُعَاوِيَة –يَعْنِي ابْن صَالح- عَن ضَمرَة بن حبيب عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو السّلمِيّ أَنه سمع الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَ: وعظنا رَسُول الله ﷺ موعظة ذرفت من الْعُيُون ووجلتا مِنْهَا الْقُلُوب قُلْنَا يَا رَسُول الله إِن هَذِه لموعظة مُودع فَمَاذَا تعهد إِلَيْنَا؟ قَالَ: "قد تركتكم على الْبَيْضَاء لَيْلهَا كنهارها لَا يزِيغ عَنْهَا إِلَّا هَالك، وَمن يَعش مِنْكُم فسيرى اخْتِلَافا كثيرا فَعَلَيْكُم بِمَا عَرَفْتُمْ من سنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين وَعَلَيْكُم بِالطَّاعَةِ وَإِن عبدا حَبَشِيًّا عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ فَإِنَّمَا الْمُؤمن كَالْجمَلِ الآنف حَيْثُمَا انقيد انْقَادَ".
وَلِلْحَدِيثِ شَوَاهِد كَثِيرَة مِنْهَا مَا أخرجه ابْن مَاجَه٢ فِي الْمُقدمَة من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء ﵁ وَفِيه: "وأيم الله لقد تركتكم على مثل الْبَيْضَاء لَيْلهَا ونهارها سَوَاء" قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: صدق، وَالله رَسُول الله ﷺ تركنَا، وَالله على مثل الْبَيْضَاء لَيْلهَا ونهارها سَوَاء.
قلت: وَكَيف لَا؟ وَقد قَالَ جلّ وَعلا فِي كِتَابه الْحَكِيم: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ﴾ (الْمَائِدَة: ٣) .
_________
١ الْمسند: (٤ /١٢٦) وَابْن مَاجَه (رقم ٤٣) من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن مهْدي بِهِ.
٢ ابْن مَاجَه فِي السّنَن رقم (٥) .
1 / 292