اللباب في علوم الكتاب

Ibn 'Adil d. 775 AH
34

اللباب في علوم الكتاب

اللباب في علوم الكتاب

Chercheur

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

Lieu d'édition

بيروت / لبنان

Genres

الشَّيَاطِين يحومون على قُلُوب بني آدم، لنظروا إِلَى ملكوت السَّمَوَات ". وَقَالَ الْغَزالِيّ ﵀ فِي كتاب الْإِحْيَاء: الْقلب مثل قبَّة لَهَا أَبْوَاب تنصب إِلَيْهَا الْأَحْوَال من كل بَاب، وَمثل هدف ترمى إِلَيْهِ السِّهَام من كل جَانب، وَمثل مرأة مَنْصُوبَة تجتاز عَلَيْهَا الْأَشْخَاص؛ فتتراءى فِيهَا صُورَة بعد صُورَة، وَمثل حَوْض تنصب إِلَيْهَا مياه مُخْتَلفَة من أَنهَار مَفْتُوحَة. قَالَ ابْن الْخَطِيب - رَحمَه الله تَعَالَى -: لقَائِل أَن يَقُول: لمَ لمْ يقل: أعوذ بِالْمَلَائِكَةِ مَعَ أَن أدون ملك من الْمَلَائِكَة يَكْفِي فِي دفع الشَّيْطَان؟ فَمَا السَّبَب فِي أَن جعل ذكر هَذَا الْكَلْب فِي مُقَابلَة ذكر الله تَعَالَى؟ وَجَوَابه: كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُول: عَبدِي إِنَّه يراك، وَأَنت لَا ترَاهُ؛ لقَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّه يراكم هُوَ وقبيله من حَيْثُ لَا ترونهم﴾ [الْأَعْرَاف: ٢٧]؛ فَإِنَّهُ يُفِيد كَيده فِيكُم؛ لِأَنَّهُ يراكم، وَأَنْتُم لَا تَرَوْنَهُ؛ فَتمسكُوا بِمن يرى الشَّيْطَان وَلَا يرَاهُ؛ وَهُوَ الله تَعَالَى فَقيل: " أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم ". فصل فِي وجود الْجِنّ اخْتلف النَّاس فِي وجود الْجِنّ وَالشَّيَاطِين، [فَمن النَّاس من أنكر الْجِنّ وَالشَّيَاطِين] . وَاعْلَم أَنه لَا بُد أَولا من الْبَحْث عَن مَاهِيَّة الْجِنّ وَالشَّيَاطِين؛ فَنَقُول: أطبق الْكل على أَنه لَيْسَ الْجِنّ وَالشَّيَاطِين عبارَة عَن أشخاص جسمانية كثيفة، تَجِيء وَتذهب؛ مثل النَّاس والبهائم؛ بل القَوْل المحصل فِيهِ قَولَانِ: الأول: أَنَّهَا أجسام هوائية قادرة على التشكل بأشكال مُخْتَلفَة، وَلها عقول وأفهام، وقدرة على أَعمال صعبة شاقة. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن كثيرا من النَّاس أثبتوا أَنَّهَا موجودات غير متحيزة، وَلَا حالّة فِي

1 / 111