اللباب في علوم الكتاب
اللباب في علوم الكتاب
Chercheur
الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٩ هـ -١٩٩٨م
Lieu d'édition
بيروت / لبنان
Genres
فصل فِي المستعاذ بِهِ
وَهُوَ وعَلى وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن يُقَال: " أعوذ بِاللَّه ".
وَالثَّانِي: " أَن يُقَال: " أعوذ بِكَلِمَات الله التامات ". فَأَما الِاسْتِعَاذَة بِاللَّه، فبيانه إِنَّمَا يتم بالبحث عَن لفظ " الله " وَسَيَأْتِي ذَلِك فِي تَفْسِير: " بِسم الله " وَأما الِاسْتِعَاذَة بِكَلِمَات الله، فَاعْلَم أَن المُرَاد ب " كَلِمَات الله " هُوَ قَوْله: ﴿إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه أَن نقُول لَهُ كن فَيكون﴾ [النَّحْل: ٤٠] .
وَالْمرَاد من قَوْله: " كن " نَفاذ قدرته فِي الممكنات، وسريان مَشِيئَته فِي الكائنات؛ بِحَيْثُ يمْتَنع أَن يعرض لَهُ عائق ومانع، وَلَا شكّ أَنه لَا تحسن الِاسْتِعَاذَة بِاللَّه - تَعَالَى - إِلَّا لكَونه مَوْصُوفا بِتِلْكَ الْقُدْرَة الْقَاهِرَة، والمشيئة النافذة.
قَالَ ابْن الْخَطِيب - رَحمَه الله تَعَالَى - فرق بَين أَن [يَقُول]: " أعوذ بِاللَّه " وَبَين أَن يَقُول: " بِاللَّه أعوذ "، فَإِن الأول لَا يُفِيد الْحصْر، وَالثَّانِي يفِيدهُ، فَلم ورد الْأَمر بِالْأولِ دون الثَّانِي، مَعَ أَنا بَينا أَن الثَّانِي أكمل؟
وَأَيْضًا: جَاءَ قَوْله: " الْحَمد لله " وَجَاء أَيْضا: قَوْله: " لله الْحَمد " وَأما هَا هُنَا، فقد جَاءَ قَوْله: " أعوذ بِاللَّه "، وَمَا جَاءَ " بِاللَّه أعوذ " فَمَا الْفرق؟ .
فصل فِي المستعيذ
اعْلَم أَن قَوْله: " أعوذ بِاللَّه " أَمر مِنْهُ لِعِبَادِهِ أَن يَقُولُوا ذَلِك، وَهُوَ غير مُخْتَصّ بشخص معِين، فَهُوَ أَمر على سَبِيل الْعُمُوم، لِأَنَّهُ - تَعَالَى - حَتَّى ذَلِك عَن الْأَنْبِيَاء، والأولياء، وَذَلِكَ يدل على أَن كل مَخْلُوق يجب أَن يكون مستعيذا بِاللَّه تَعَالَى؛ كَمَا حُكيَ عَن نوح ﵊ أَنه قَالَ: ﴿أعوذ بك أَن أسئلك مَا لَيْسَ لي بِهِ علم﴾ [هود: ٤٧]؛ فَأعْطَاهُ [الله] خلعتين: السَّلَام والبركات؛ ﴿اهبط بِسَلام منا وبركات عَلَيْك﴾ [هود: ٤٨] .
وَقَالَ يُوسُف ﵊: ﴿معَاذ الله إِنَّه رَبِّي﴾ [يُوسُف: ٢٣]، فَأعْطَاهُ الله خلعتين صرف السوء عَنهُ والفحشاء، وَقَالَ أَيْضا: ﴿معَاذ الله أَن نَأْخُذ إِلَّا من وجدنَا متاعنا عِنْده﴾ [يُوسُف: ٧٩] فَأكْرمه الله تَعَالَى بخلعتين: رفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش الْعَرْش وخروا لَهُ سجدا.
وَحكي عَن مُوسَى ﵊ قَالَ: ﴿أعوذ بِاللَّه أَن أكون من الْجَاهِلين﴾
1 / 105