مع الرتبة العالية في الدين، وهي الإيمان، فيخرج منها إلى المرتبة التي دونها وهي الإسلام، ولا يعني ذلك أنه لم يبق في قلبه شيء من الإيمان، وإنما معه إيمان ينجيه من الخلود في النار، وقد قال بهذا أبو جعفر الباقر وهو قول للإمام أحمد ١.
القول الثالث: أن المنفي في هذه الأحاديث هو الكمال الواجب الذي يعاقب تاركه، قال أبو عبيد القاسم بن السلام ﵀: “فكلما خالطت هذه المعاصي هذا الإيمان المنعوت تعبيرها ٢ قيل ليس هذا من الشرائط التي أخذها الله على المؤمنين، ولا الأمارات التي يعرف بها أنه الإيمان، فنفت عنهم حينئذ حقيقته ولم يزل عنهم اسمه”. فإن قال قائل كيف يجوز أن يقال: ليس بمؤمن، واسم الإيمان غير زائل عنه؟ قيل: هذا كلام العرب المستفيض عندنا غير المستنكر في إزالة العمل عن عامله إذا كان عمله على غير حقيقته، ألا ترى أنهم يقولون للصانع إذا كان ليس بمحكم لعمله: ما صنعت شيئًا ولا عملت عملًا، وإنما وقع معناها هاهنا على نفي التجويد لا على الصنعة نفسها، فهو عندهم عامل بالاسم وغير عامل في الإتقان ٣.
وهو قول للإمام أحمد، وأخذ به القاضي أبو يعلى، ورجحه بقوة المروزي وقال به النووي، وابن عبد البر، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والسفاريني ٤.