ومناهضة الدول ومشاورة الملوك حتى أزالوا بعجم خراسان دولة بني أمية وتناولوا العز كيف كان، فما وصل أمر الأمة إلى أهل العدالة والطهارة ولا وليهم ذوو الزهادة والعبادة ولا ساسهم أرباب الورع والأمانة بل استحالت الخلافة كسروية وقيصرية، بحيث أن إبراهيم الإمام ابن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس لما وجه أبا مسلم الخراساني إلى دعاته بخراسان ووصاهم أن يسمعوا له ويطيعوا، قال له: إنك رجل منا أهل البيت احفظ وصيتي، انظر هذا الحي من اليمن فأكرمهم واسكن بين أظهرهم فإن الله لا يتم هذا الأمر إلا بهم، واتهم ربيعة في أمرهم، وأما مضر فأنهم العدو القريب الدار واقتل من شككت فيه، وإن استطعت أن لا تدع بخراسان من يتكلم بالعربية فافعل، وأيما غلام بلغ خمسة أشبار تتهمه فاقتله (1).
فأين أعزك الله هذه الوصية من وصايا الخلفاء الراشدين لعمالهم (2).
وتالله لو توجه أبو مسلم إلى أرض الحرب ليغزوا أهل الشرك بالله لما جاز أن يوصي بهذا، فكيف وإنما توجه إلى دار الإسلام وقتال أبناء المهاجرين والأنصار وغيرهم من العرب، لينتزع (3) من أيديهم ما فتحه آباؤهم من أرض الشرك ليتخذ مال الله دولا وعبيده خولا، فعمل أبو مسلم بوصية إبراهيم الإمام حتى غلب على ممالك خراسان وتخطت عساكره إلى العراق، فيقال إنه قتل ستمائة
Page 135