الأمي المنتصب أمامها هو كاهنها.
والوثنيون الذين يعيشون بجانب النصارى هنا لا يدخلون النهر إلا حفاة. والوثنيون هددوا أحد السياح بالقتل؛ لأنه أراد غسل ردائه فيه. وفي كل عام، وبعد أحد عشر يوما من أيام طلوع الشعرى
12
وغروبها مع الشمس، يجتمع رجال القبيلة في ذلك المكان المقدس، ويضحي الكاهن بعجلة سوداء، ويلف رأسها في جلدها ويغطس في المنبع، ويغسل الشيب اللحم بالماء العجيب الذي يجلبونه بباطن أيديهم، ثم يقطعونه أجزاء بعدد القرى، ويوزعون القطع التي يأكلونها نيئة شاربين من ماء النيل، ثم يكلسون عظامها، ثم يقومون في كهف واقع تحت المنبع بقداس وفق طقوس غير معروفة، ويقدس هؤلاء المؤمنون للنيل الذي هو «نور العالم وعينه»، ويدعونه بإله السلام، وذلك لما يقسمون عليه في المجلس من المحبة والوئام، فإذا قضي ذلك تقاتلوا بعد قليل كما يقع بين البيض المتحالفين.
وينقض الأباي الأصغر بدوافع كثيرة نحو الغرب ثم نحو الشمال، ولما يقيد مجراه تماما، ولم يكن النيل الأزرق - من الساعة الأولى - أحسن حرسا من أمير أو مليك قادم، وهو يقوم غير مراقب بجولات طويلة من خلال بقاع غير معلومة تقريبا لوقوف المطر، الذي فيه سر شأنها، حيال ريادها، وذلك كالأنبياء الذين يعتزلون الناس في الغالب قبل دور حياتهم الحاسم.
وتلحق بالنهر الصائل جنادل بركانية ذات طبقات أفقية مع أثر نشاط جديد فيكون لها منظر جبال ذات غابات تقطعها روافد صغيرة كثيرة، ويبلغ عرض ذلك النهر ستين مترا فوق هضبة خربها السيل، وتظهر بحيرة كبيرة في نهاية الأمر، ويصل الأباي إلى شاطئ بحيرة طانة الجنوبي الغربي حيث لا يلبث زمنا طويلا.
وتقع هذه البحيرة الضاربة إلى خضرة - والتي لها شكل القلب - على ارتفاع 1800 متر كبحيرات إنغادين،
13
وتحيط بها بضعة جبال صغيرة، وسهل مستور بالسنط على الخصوص، والنخل مع أكواخ هزيلة من حصير، ويبدو أكبر هذه الأكواخ في كل قرية تحت شجر العرعر، وهو خاص بالأمير (الراس)، أو يستعمل كنيسة.
وتقرب بحيرة طانة من بحيرة ألبرت اتساعا، ومن المحتمل أن كانت ضعفها ضخامة، وبيان ذلك أن المطر فك الحمم
Page inconnue