Le Nil au temps des Pharaons et des Arabes

Antoine Zikri d. 1369 AH
102

Le Nil au temps des Pharaons et des Arabes

النيل في عهد الفراعنة والعرب

Genres

ومن عجيب ما شاهدت أني كنت يوما مشرفا على النيل مع جماعة، فاجتاز علينا في نحو ساعة نحو عشرة موتى كأنهم القرب المنفوخة، هذا من غير أن نتقصد رؤيتهم ولا أحطنا بعرض البحر، وفي غد ذلك اليوم ركبنا سفينة فرأينا أشلاء الموتى في الخليج وسائر الشطوط، كما شبهها ابن حجر بأنابيش الفصل، وخبرت عن صياد بفرضة تنيس أنه مر به في بعض نهار أربعمائة غريق يقذف بهم النيل إلى البحر الملح.

وأما طريق الشأم فقد تواترت الأخبار أنها صارت مزرعة لبني آدم، بل محصدة، وأنها عادت مأدبة بلحومهم للطير والسباع، وأن كلابهم التي صحبتهم من منجلاهم هي التي تأكل فيهم.

وأول من هلك في هذا الطريق أهل الحوف، عندما انتجعوا إلى الشأم وانتشروا في هذه المسافة مع طولها كالجراد المحسوس، ولم تزل تتواصل هلكاهم إلى الآن، وانتهى انتجاعهم إلى الموصل وبغداد وخرسان، وإلى بلاد الروم والمغرب واليمن، ومزقوا في البلاد كل ممزق.

وكثيرا ما كانت المرأة تملص من صبيتها في الزحام، فيتضورون حتى يموتوا.

وأما بيع الأحرار فشاع وذاع عند من لا يراقب الله حتى تباع الجارية الحسناء بدراهم معدودة، وعرض علي جاريتان مراهقتان بدينار واحد، ورأيت مرة أخرى جاريتين إحداهما بكر ينادى عليهما بأحد عشر درهما.

وسألتني امرأة أن أشتري ابنتها، وكانت جميلة دون البلوغ بخمسة دراهم، فعرفتها أن ذلك حرام، فقالت: خذها هدية، وكثيرا ما يترامى النساء والولدان الذين فيهم صباحة على الناس بأن يشتروهم أو يبيعوهم، وقد استحل ذلك خلق عظيم، ووصل سبيهم إلى العراق وأعماق خراسان.

وباشرنا لبعض الرؤساء زراعة فأرسل من يقوم بها، ثم بعث يسأل عنهم فجاء الخبر بموتهم أجمعين، فأرسل عوضهم فمات أكثرهم هكذا مرات في عدة جهات.

وسمعنا من الثقات عن الإسكندرية أن الإمام صلى يوم الجمعة على سبعمائة جنازة، وأن تركة واحدة انتقلت في مدة شهر إلى أربعة عشر وارثا.

ومن عجيب الكائنات في هذه المدة، أنه ولد مولود أبيض الشعر ورأيته.

وأما خراب البلاد والقرى وخلو المساكن والدكاكين فهو مما يلزم هذه الجملة التي قصصناها، وناهيك أن القرية التي كانت تشتمل على زها عشرة آلاف نسمة تمر عليها فتراها دمنة، وربما وجد فيها نفر وربما لم يوجد، وأما مصر فخلا معظمها، وأما بيوت الخليج وزقاق البركة وحلب والمقس وما تاخم ذلك فلم يبق فيها بيت مسكون أصلا، بعدما كان كل قطر منها قدر مدينة في زحمة من الناس، حتى إن الرباع والمساكن والدكاكين التي في سرة القاهرة وخيارها أكثرها خال خراب.

Page inconnue