وأما هو في ذاته فهو متنجس حتى يتيقن طهره فهو كفم الهرة إذا رأيناها وضعته في نجاسة ثم غابت غيبة يحتمل فيها ورودها ماء كثيرا فلا يحكم بكون فمها ينجس ما أصابه حينئذ لما تقدم
وأما فمها في ذاته فمتنجس حتى يتيقن طهره
وأما النجاسة المتوسطة فهي ما عدا ذلك فإن كانت حكمية وهي التي ليس لها جرم ولا طعم ولا لون ولا ريح كقطرة بول جفت كفى جرى الماء على محلها مرة واحدة ولو بغير فعل أحد كأن جرى عليها المطر ويسن تثليثها
وإن كانت عينية وهي التي لها جرم أو طعم أو لون أو ريح وجبت إزالة ذلك ولو توقف زواله على الاستعانة بغير الماء كصابون وجبت والعبرة بظنه بحيث يغلب على ظنه زوال ذلك ولا يجب عليه اختبارها بالشم والبصر ولا يجب على الأعمى ولا على من به رمد أن يسأل بصيرا هل زالت الأوصاف أو لا إلا ما عسر زواله من لون كلون الدم أو ريح كريح الخمر فإنه يحكم بطهارته ولا فرق في ذلك بين النجاسة المغلظة ونحوها ولا فرق في ذلك بين الأرض والثوب والإناء فيطهر المحل طهرا حقيقيا بحيث لو قدر على إزالته بعد ذلك لا تجب
وضابط العسر قرصه ثلاث مرات مع الاستعانة المتقدمة فلو صبغ شيء بصبغ متنجس ثم غسل المصبوغ حتى صفت الغسالة ولم يبق إلا مجرد اللون حكم بطهارته
أما الطعم وحده أو اللون والريح معا في محل واحد من نجاسة واحدة فلا بد من تعذر زواله بحيث لا يزول إلا بالقطع فإذا تعذر ذلك حكم على المحل بالعفو بحيث لو قدر على إزالته بعد ذلك وجبت ولو كان الماء قليلا اشترط وروده لئلا يتنجس الثوب لو عكس ولو كان الثوب فيه دم براغيث ووضعه في الإناء الذي فيه ماء قليل ليغسله فإن كان غسله بقصد تنظيفه من الأوساخ الطاهرة لا ينجس الماء ولا يضر بقاء دم البراغيث في الثوب وإن كان بقصد إزالة دم البراغيث أو الأوساخ النجسة تنجس الماء القليل بورود النجاسة عليه وعاد على باقي الثوب بالتنجيس وصار دم البراغيث غير معفو عنه
( وثالثها ستر رجل ) أي ذكر ولو صبيا ( وأمة ) ولو مبعضة ( ما بين سرة وركبة وحرة غير وجه وكفين ) ظهرا وبطنا إلى الكوعين عن العيون من إنس وجن ولو كان المصلى خاليا في ظلمة ( بما لا يصف لونا ) للبشرة ولو طينا أو حشيشا أو ماء كدرا أو نحو ذلك فشرط الساتر أن يكون جرما يمنع إدراك لون البشرة لا حجمها فلا يكفي في الستر لون نحو الحناء لأنه ليس جرما ولا يكفي فيه الشفاف الذي لا يمنع إدراك لون البشرة كالزجاج ( إن قدر ) أي المصلي ( عليه ) أي الستر فإن عجز عن جميع ما ذكر صلى عاريا ويتم ركوعه وسجوده ولا إعادة عليه ولو كانت السترة متنجسة وعجز عما يطهرها به وكان قطع موضع النجاسة ينقص قيمة السترة أكثر من أجرة ثوب يصلي فيه لو اكتراه ولم يجد سترة طاهرة غيرها صلى عاريا ولا إعادة عليه لعجزه عن السترة شرعا
Page 46