الرابع عشر: لو علما بالشرع لما علما به، لجواز تطرق الكذب وإرادة غير الظاهر عندهم.
واحتجت الأشاعرة بوجوه:
الأول: أن أفعال العباد إما اضطرارية أو اتفاقية، وعلى كلا التقديرين لا قبح.
بيان المقدمة الأولى: أن فاعل القبيح إما أن يتمكن من الترك أو لا يتمكن، فإن لم يتمكن ثبت الاضطرار، وإن تمكن، فإما أن يتوقف رجحان الفعل على الترك على مرجح أو لا يتوقف، فإن كان الثاني ثبت الاتفاق، لأن القدرة نسبتها إلى الطرفين واحدة، فإذا حصل الفعل بها في وقت دون آخر من غير مرجح، كان ذلك محض الاتفاق.
وإن توقف، فذلك المرجح إن كان من فعل العبد، نقلنا الكلام إليه، وإن كان من غيره، فعند حصوله إن وجب الفعل، لزم الاضطرار، لأن الفعل معه واجب، وقبله ممتنع، فلا اختيار للعبد.
وإن لم يجب جاز الترك، فلنفرض وقوعه في وقت وعدمه في آخر، فاختصاص أحد الوقتين بالوقوع، والآخر بعدمه، إن لم يتوقف على مرجح، مع حصول المرجح الأول في الوقتين، فيكون حصوله اتفاقيا، وإن توقف على مرجح، لم يكن الأول مرجحا تاما، وقد فرضناه تاما، هذا خلف.
ولأن البحث عائد مع انضمام المرجح الثاني، فإن وجب الفعل لزم الاضطرار، وإلا ثبت الاتفاق.
ولا ينفع الاعتذار بأن القادر يرجح الفعل على الترك لا لمرجح، لأن قولك «يرجح» إن كان له مفهوم زائد على كونه قادرا، كان ذلك اعترافا بأن رجحان
Page 124